فعلى القول الأول اللفظ مستعمل في معناه الأصلية لينتقل منه للازم معناه. وإما على القول الثاني فاللفظ لم يستعمل في المعنى الأصلي ولا في المعنى الثانوي وهو الذات المعينة وإنما استعمل في لازمهما ابتداء، فحاتم قد استعمل ابتداء في الجود اللازم للإنسان المعروف وهو الطائي لينتقل منه إلى كونه جوادًا.. ويرد على القول الثاني أنه لو كان كذلك يكون حيئنذ استعمل لا كناية؛ لأنه قد استعمل لفظ حاتم في غير ما وضع له وهو رجل آخر جواد للمشابهة، وإن كان لعلاقة غيرها كالإطلاق والتقييد كان مجازًا مرسلًا، كما يرد عليه أنه لو كان المراد ما ذكره لكان قولنا فعل هذا الرجل كذا مشيرًا إلى كافر -والقصد إن الفعل صدر من غيره- وقولنا: أبو جهل فعل كذا مشيرًا إلى كافر لا يمسي أبا جهل، كناية عن الجهنمي، ولم يقل به أحد، ومما يدل على فساد ذلك أيضًا أن صاحب المفتاح وغيره مثلوا لهذه الكناية بقوله تعالى: تبت يدا أبي لهب، ولا شك أن المراد به الشخص المسمى بأبي لهب لا كافر آخر، وحيث كان كذلك لم يكن كناية عن الجهنمي إلا على القول الأول، إذ على الثاني لا يكون كناية عنه إلا إذا كان المراد شخصًا غير المسمى بأبي لهب ... هذا والكناية هي عند المصنف استعمال اللفظ في معناه ابتداء لينتقل منه للازمه، وهي عند السكاكي استعمال اللفظ في لازم معناه لينتقل منه إلى الملزوم الذي هو معنى اللفظ الموضوع له.