للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقول ودقت نحرها بيمينها ... أبعلي هذا بالرحا المتقاعس؟

وربما جعل البعد ذريعة إلى التعظيم كقوله تعالى: {الم ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: ١-٢] ذهابًا إلى بعد درجته، ونحوه: {وَتِلْكَ الجَنَّةُ التِيْ أُوْرِثْتُمُوْهَا} ، ولذا قالت: فذلكن الذي لمتنني فيه، لم تقل "فهذا" -وهو حاضر- رفعا لمنزلته في الحسن وتمهيدًا للعذر في الافتتان به. وقد يجعل١ ذريعة إلى التحقير كما يقال: ذلك اللعين فعل كذا.

وإما للتنبيه -إذا ذكر قبل المسند إليه مذكور وعقب بأوصاف- على أن ما يرد بعد اسم الإشارة فالمذكور جدير باكتسابه من أجل تلك الأوصاف، كقول حاتم الطائي٢:

ولله صعلوك يساور همه ... ويمضي علي الأحداث والدهر مقدما

فتى طلبات لا يرى الخمص ترحة ... ولا شبعه إن نالها عد مغنما

إذا ما رأى يومًا مكارم أعرضت ... تيمم كبراهن ثمت صمما

يرى رمحه ونبله ومجنه ... وذا شطب عضب الضريبة مخذما

وأحناء سرج قاتر ولجامه ... عتاد أخي هيجا وطرفا مسوما

فذلك إن يهلك فحسنى ثناؤه ... وإن عاش لم يقعد ضعيفًا مذمما


١ أي البعد. هذا وقد بقي من الأقسام القسم الرابع وهو أن يقصد من القرب التعظيم بأن ينزل قربه من ساحة الحضور والخطاب منزلة قرب المسافة فيعبر عنه بهذا كقوله تعالى: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} .
٢ الصعلوك: الفقير. يساور: يغالب. الهم. الحزن أو الأمل والغاية. الطلبات بكسر اللام جمع طلبة بالكسر أيضًا وهي ما يطلبه الإنسان. الخمص: الجوع. ترحة: شقاء. المغنم: الغنيمة. تيمم: قصد، ثمت أي ثم. التصميم: العزم على الأمر. المجن: الترس. والشطب في السيف: الخطوط في متنه. العضب: القاطع. الضريبة: حد السيف المخذم: القاطع. أحناء السرج جمع حنو بكسر الحاء وهو اسم لكل من قربوسيه المقدم والمؤخر. القاتر: السرج الجيد الواقع على الظهر، العتاد: ما تعده لأمر من الأمور. الهيجا: الحرب. الطرف بكسر الطاء: الجواد الكريم الأصل. المسوم: من سام الخيل أرسلها للرعي أو للإغارة.

<<  <  ج: ص:  >  >>