للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإما لإرادة نفس الحقيقة١ كقولك: الرجل خير من المرأة، والدينار خير من الدرهم، ومنه قول أبي العلاء المعري:

والخل كا لماء: يبدي لي ضمائره ... مع الصفاء، ويخفيها مع الكدر

وعليه من غير هذا الباب قوله تعالي: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَي} ، أي جعلنا مبدأ كل شيء حي هذا الجنس الذي هو الماء، روي أنه تعالى خلق الملائكة من ريح خلقها من الماء والجن من نار خلقها منه، وآدم من تراب خلقه منه.. ونحوه: {أولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ} [الأنعام: ٨٩] .

والمعرف باللام٢ قد يأتي لواحد باعتبار عهديته في الذهن لمطابقته


١ ليس المراد من الحقيقة الماهية الموجودة في الخارج بل مفهوم المسمى من غير اعتبار لما صدق عليه ذلك المفهوم من الأفراد. ومن ذلك: اللام الداخلة على المعرفات نحو: الكلمة لفظ وضع لمعنى مفرد؛ لأن التعريف للماهية، واللام الداخلة على القضية الطبيعية نحو: الحيوان جنس.. وهنا نظر؛ لأن لام الاستغراق ولام العهد الذهني اعتبر فيهما الأفراد مع أنهما من أقسام لام الحقيقة واعتبار الأفراد ينافي عدم اعتبارها، وأجيب بعدم ملاحظة الأفراد فيها بالنظر لذات الكلام وقطع النظر عن القرائن، وذلك صادق بأن لا تعتبر الأفراد أصلًا كما في لام الحقيقة أو تعتبر بواسطة القرائن كالعهد الذهني والاستغراق.
٢ أي لام الحقيقة كما في المطول لا اللام مطلقًا، يعني مطبق اسم الجنس المعرف بلام الحقيقة الذي هو موضوع للحقيقة المتحدة في الذهن على فرد ما مبهم موجود من الحقيقة لمطابقة ذلك الواحد للحقيقة باعتبار كونه معهودًا في الذهن وجزئيًّا من جزئيات تلك الحقيقة مطابقًا إياها، وذلك عند قيام قرينة دالة على أن ليس القصد إلى نفس الحقيقة، كما في لام الحقيقة - من حيث هي هي، بل من حيث الوجود، ولا من حيث وجودها في ضمن جميع الأفراد كما في الاستغراق بل بعض غير معين.

<<  <  ج: ص:  >  >>