للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يفيد الاستغراق، وذلك إذا امتنع حمله على غير الأفراد وعلى بعضها دون بعض كقوله تعالى: {إن الْانْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [العصر: ١-٢] .

والاستغراق ضربان:

حقيقي١ كقوله تعالى: {عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة} أي كل غيب وشهادة.


١ أشير باللام إلى الحقيقة لكن لم يقصد بها الماهية من حيث هي هي، ولا من حيث تحققها في ضمن بعض الأفراد بل في ضمن الجميع بدليل صحة الاستثناء الذي شرطه دخول المستثنى في المستثنى منه لو سكت عن ذكره، ودخوله فرع العموم الذي يدل على الاستغراق، وما ذكر شرط بالنسبة للاستثناء المتصل لا مطلقًا.
فاللام التي لتعريف العهد الذهني، والتي للاستغراق، هي لام الحقيقة حملت على ما ذكرنا بحسب المقام والقرينة، ولهذا قلنا إن الضمير في قوله: "يأتي" "وقد يفيد" عائد إلى المعرف باللام المشار بها إلى الحقيقة، فالمنظور له في الكل الحقيقة دون بعض الأفراد أو كلها. وأما لام العهد الخارجي فهي قسم برأسها أصل لكل خارجي.. هذا ولا بد في لام الحقيقة من أن يقصد بها الإشارة إلى الماهية باعتبار حضورها في الذهن ليتميز اسم الجنس المعرف كالرجعي عن أسماء الأجناس النكرات كرجعي مثلًا، فالإشارة بها إلى الماهية لا باعتبار حضورها في الذهن وإن كانت حاضرة فيه ضرورة أنها موضوعة لها ولا يضع الواضع لفظًا لمعنى إلا إذا كان حاضرًا في ذهنه، وإذا اعتبر الحضور في الذهن فوجه الفرق بينها وبين المعرف بلام العهد الخارجي العلمي أن لام العهد إشارة إلى حصة معينة من الحقيقة واحدًا كان أو اثنين أو جماعة ولام الحقيقة إشارة إلى نفس الحقيقة من غير نظر إلى الأفراد هذا.. والفرق بين علم الجنس واسم الجنس المعرف أن الأول يدل على التعيين والحضور الذي هو جزء المسمى بجوهر اللفظ والثاني يدل على ذلك بالآلة.
١ وهو أن يراد كل فرد مما يتناوله اللفظ بحسب اللغة.

<<  <  ج: ص:  >  >>