للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ} [الأنبياء: ٤٦] . لخلافه١، وفي كليهما٢ نظرًا أما الأول فلما سيأتي٣، وأما الثاني فلأن خلاف التعظيم مستفاد من البناء للمرة ومن نفس الكلمة؛ لأنها إما من قولهم "نفحت" الريح إذا هبت أي هبة، أي من قولهم "نفح الطيب" إذ فاح أي موحة كما يقال شمة، واستعماله بهذا المعنى٤ في الشر استعارة إذ أصله أن يستعمل في الخير، يقال "له نفحة طيبة" أي هبة من الخير٥..

وذهب٦ أيضًا إلى أن قول تعالى: {يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ} [مريم: ٤٥] بالإضافة، أما للتهويل أو لخلافه٧، والظاهر أنه لخلافة وإليه ميل الزمخشري، فإنه ذكر أن إبراهيم صلى الله عليه وسلم لم يخل هذا الكلام من حسن الأدب مع أبيه، حيث لم يصرح فيه أن العذاب لاحق له لاصق به، ولكنه قال: {إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ} [مريم: ٤٥] ، فذكر الخوف والمس ونكر العذاب.

وأما التنكير في قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاة} فيحتمل


١ أي للتحقير، راجع ص٨٣ من المفتاح.. والمثل "شر أهر ذا ناب" يضرب في ظهور أمارات الشر ومخايله. وذا الناب: السبع والمراد به هنا كلب.
٢ أي في كلا الجعلين.
٣ أي في بحث تقديم المسند إليه.
٤ وهو أن تكون "نفحة" من "نفح الطيب".
٥ وجواب الاعتراض على كلام السكاكي في "نفحة" أنه إن أراد أن لبناء المرة مدخلًا في إفادة التحقيق فهذا لا ينافي كون التنكير للتحقير؛ لأنه مما يقبل الشدة والضعف، وإن أراد أن التحقير المستفاد من الآية مفهوم من بناء المرة ونفس الكلمة بحيث لامدخل للتنكير أصلًا فممنوع للفرق الظاهر بين التحقير في "نفحة من عذاب" وبينه في نفحة العذاب بالإضافة.
٦ أي السكاكي.
٧ أي للتحقير.

<<  <  ج: ص:  >  >>