للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما هو إله ولم تؤكده بـ"واحد" لم يحسن وخيل أنك تثبت الألهية لا الوحدانية١.

وأما قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨] فقال السكاكي: شفع الدابة بـ"في الأرض" وطائرا بـ"يطير بجناحيه" لبيان أن القصد بهما إلى الجنسين، وقال الزمخشري: معنى ذلك زيادة التعميم والإحاطة كأنه قيل: وما من دابة في جميع الأرضين السبع وما من طائر قط في جو السماء من جميع ما يطير بجناحيه٢.

واعلم: أن الجملة قد تقع صفة للنكرة، وشر طها أن تكون خبرية؛ لأنها في المعنى حكم على صاحبها كالخبر، فلم يستقم أن تكون إنشائية مثله. وقال السكاكي: لأنه يجب أن يكون المتكلم يعلم تحقق الوصف للموصوف؛ لأن الوصف إنما يؤتى "به" ليميز به الموصوف مما عداه، وتمييز المتكلم شيئًا من شيء بما لا يعرفه له محال، فما لا يكون عنده محققًا للموصوف يمتنع أن يجعله وصفًا له، بحكم عكس النقيض، ومضمون الجمل الطلبية كذلك٣؛ لأن الطلب يقتضي مطلوبًا غير متحقق، لامتناع طلب الحاصل، فيقع شيء منها صفة لشيء.


١ يقول لسعد في المطول: وليس في كلام السكاكي ما يدل على أنه عطف بيان صناعي لجواز أن يريد أنه من قبيل الإيضاح والتفسير وإن كان وصفًا صناعيا.
٢ فكلام الزمخشري يؤكد كلام السكاكي في أن القصد إلى الجنس، فباعتبار أن الوصف لبيان أن القصد إلى الجنس أفاد هذا الوصف زيادة التعميم والإحاطة.
٣ أي ليست متحققة لموصوفها ولا يعلم المتكلم تحققها له.

<<  <  ج: ص:  >  >>