للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه السلام فهم كون رهطه أعز عليهم، من قولهم: {وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ} .

وقال الزمخشري١: دل إيلاء ضميره حرف النفي على أن الكلام في الفاعل لا في الفعل، كأنه قيل: "وما أنت علينا بعزيز، بل رهطك هم الأعز علينا".. وفيه نظر: لأنا لا نسلم أن إيلاء الضمير حرف النفي إذالم يكن الخبر فعليا يفيد الحصر. فإن قيل: الكلام واقع فيه، وأنهم الأعزة عليهم دونه، فكيف صح قوله: {أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّه} قلنا: قال السكاكي معناه "من نبي الله" فهو على حذف المضاف، وأجود منه ما قاله الزمخشري: "وهو أن تهاونهم به وهو نبي الله تهاون بالله، فحين عز عليهم رهطه دونه كان رهطه أعز عليهم من الله ألا ترى إلى قوله تعالى: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨١] ، ويجوز أن يقال: لا شك أن همزة الاستفهام هنا ليست على بابها بل هي للإنكار للتوبيخ، فيكون معنى قوله: {أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّه} إنكار أن يكون مانعهم من رجمه رهطه، لانتسابه إليهم، دون الله تعالي، مع انتسابه إليه أيضًا، أي أرهطي أعز عليكم من الله حتى كان امتناعكم من رجمي بسبب انتسابي إليهم بأنهم رهطي، ولم يكن بسبب انتسابي إلى الله تعالى بأني رسول، والله أعلم.

موضع آخر من مواضع تقديم المسند إليه:

ومما يرى تقديمه كالملازم٢ لفظ مثل إذا استعمل كناية من


١ كلام الزمخشري تأييد لرأي السكاكي في إفادة الآية للتخصيص.
٢ أي من المسند إليه الذي يرى تقديمه على المسند حال كون ذلك التقديم مماثلًا للتقديم اللازم في القياس كتقديم لازم الصدارة، فتقديم هذا ليس بلازم في القياس بل في الاستعمال، وإنما يرى التقديم هنا كاللازم لكون التقديم أعون على المراد بهذا التركيب؛ لأن الغرض منه إثبات الحكم وهو الجود وانتفاء البخل عن المخاطب بطريق الكناية التي هي أبلغ من التصريح، والتقديم لإفادته التقوي أعون على ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>