للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيري يأكل المعروف سحتًا ... وتشحب عنده بيض الأيادي١

فإنه لم يرد أن يعرض بشاعر سواه فيزعم أن الذي قرف٢ به عند الممدوح من أنه هجاه كان من ذلك الشاعر لا منه، بل أراد أن ينفي عن نفسه أن يكون ممن يكفر النعمة ويلؤم لا غير.

واستعمال "مثل" و"غير" هكذا مركوز في الطباع، وإذا تصفحت الكلام وحدتهما يقدمان أبدًا على الفعل إذا نحى بهما نحو ما ذكرناه، ولا يستقيم المعنى فيهما إذالم يقدما.

والسر في ذلك أن تقديمهما يفيد تقوي الحكم به كما سبق تقريره، وسيأتي٣ أن المطلوب بالكناية في قولنا "مثلك لا يبخل" و"غيرك لا يجود" هو الحكم وأن الكناية أبلغ من التصريح فيما قصد بها، فكان تقديمها أعون للمعنى الذي جلبًا لأجله.


١ السحت الحرام. يشحب من الشحوب وهو تغير اللون. الأيادي النعم.
٢ أي اتهم.
٣ أي في باب الكناية.

<<  <  ج: ص:  >  >>