للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسمية أو كلا الفعلين أو إحدهما ماضيًا١، ولا يخالف ذلك لفظًا٢ -نحو أن أكرمتني أكرمتك وإن أكرمتني أكرمك وإن تكرمني أكرمتك وإن تكرمني فأنت مكرم وإن أكرمتني الآن فقد أكرمتك أمس- إلا لنكتة ما مثل إبراز غير الحاصل في صورة الحاصل: إما لقوة الأسباب المتآخذة في وقوعه كقولك إن اشترينا كذا حال انعقاد الأسباب في ذلك وإما لأن ما هو للوقوع كالواقع كقولك إن مت كان كذا وكذا كما سبق. وإما للتفاؤل، وإما لإظهار الرغبة في وقوعه نحو إن ظفرت بحسن العاقبة فهو المرام، فإن الطالب إذا تبالغت رغبته في حصول أمر يكثر تصوره إياه، فربما يخيل إليه حاصلًا. وعليه قوله تعالى: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} ٣. وقد يقوي هذا التخيل


١ أما الشرط؛ فلأنه مفروض الحصول في الاستقبال فيمتنع ثبوته ومضيه، وأما الجزاء؛ فلأن حصوله معلق على حصول الشرط في الاستقبال ويمتنع تعليق حصول الحاصل الثابت على حصول ما يحصل في المستقبل.
٢ قوله لفظًا، إشارة إلى أن الجملتين وإن جعلت كلتاهما أو إحداهما اسمية أو فعلية ماضوية فالمعنى على الاستقبال حتى إن قولنا إن أكرمتني الآن فقد أكرمتك أمس معناه أن تعتد بإكرامك إياي الآن فاعتد بإكرامي إياك أمس وقد تستعمل إن في غير الاستقبال قياسًا مطردًا مع كان نحو وإن كنتم في ريب كما مر وكذا إذا جيء بها في مقام التأكيد بعد واو الحال لمجرد الوصل والربط دون الشرط نحو "زيد وإن كثر ماله بخيل" و"عمرو وإن أعطى جاهلًا لئيم"، وفي غير ذلك قليلًا كقول المعري:
فيا وطني إن فاتني بك سابق ... من الدهر فلينعم لساكنك البال
فقد دخلت إن على غير كان وهو ماض على وجه القلة.
٣ حيث لم يقل إن يردن. فإن قيل تعليق النهي عن الإكراه بإرادتهن التحصن يشعر بجواز الإكراه عند انتفائها على ما هو مقتضى التعليق بالشرط، أجيب بأن القائلين بأن التقييد بالشرط يدل على نفي الحكم عند انتفائه إنما يقولون به إذا لم يظهر للشرط فائدة أخرى ويجوز أن يكون فائدته في الآية المبالغة في النهي عن الإكراه يعني أنهن إذا أردن العفة فالولي أحق بإرادتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>