للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم١ التعريف بلام الجنس قد لا يفيد قصر المعرف على ما حكم عليه به، كقول الخنساء٢:

إذا قبح البكاء على قتيل ... رأيت بكاءك الحسن الجميلا

وقد يفيد قصره: إما تحقيقًا٣ كقولك: زيد الأمير، إذالم يكن أمير سواه، وإما مبالغة لكمال معناه في المحكوم عليه كقولك: "عمرو الشجاع" أي الكامل في الشجاعة٤ فتخرج الكلام في صورة توهم.


١ راجع ص١٤٠ من الدلائل. هذا وأما التعريف بلام العهد فلا يفيد القصر؛ لأنه إنما يتصور في ما يكون فيه عموم كالجنس، فيحصر في بعض الأفراد، وأما المعهود الخارجي فلا عموم فيه فلا حصر، ولكن هذا في قصر الأفراد، أما قصر القلب فيتأتى في المعهود أيضًا.
٢ البيت في الدلائل ص١٤٠، والبيت لا يفهم القصر والمعنى ليس عليه؛ لأن البيت للرد على من يتوهم قبح البكاء على هذا المرثي كغيره وليس الكلام واردًا في مقام من يسلم حسن البكاء عليه إلا أنه يدعي أن بكاء غيره حسن أيضًا حتى يكون المعنى على الحصر إذ لا يلائمه الشطر الأول من البيت.
٣ أي قصرًا حقيقيًّا.
٤ كأنه لا اعتداد بشجاعة غيره، وكذا إذا جعل المعرف بلام الجنس مبتدأ نحو الأمير زيد والشجاع عمرو فيفيد قصر جنس معنى المبتدأ على الخبر تحقيقًا أو مبالغة، ولا تفاوت بينهما وبين ما تقدم في إفادة قصر الإمارة على زيد والشجاعة على عمرو، وعدم التفاوت إنما هو على مذهب السعد أما على ما ذهب إليه السيد -من أنه لا يكون محمولًا وأن قولنا المنطلق زيد مؤول بقولنا المنطلق المسمى بزيد- فلا بد من التفاوت، فالمقصور عليه الإمارة على الأول الذات المشخصة المعبر عنها بزيد وعلى الثاني هو المفهوم الكلي المسمى بزيد.
والحاصل أن المعرف بلام الجنس أن جعل مبتدأ فهو مقصور على الخبر سواء كان الخبر معرفة أو نكرة، وإن جعل خبرًا فهو مقصور على المبتدأ، والجنس قد يبقى على إطلاقه كما مر وقد يقيد بوصف أو حال أو ظرف أو مفعول أو نحو ذلك على ما ذكره الخطيب نحو هو الرجل الكريم وهو السائر راكباً وهو الأمير في البلد وهو الواهب ألف قنطار، وجميع ذلك معلوم بالاستقراء وتصفح تراكيب البلغاء.
هذا ومعاني الخبر المعرف بأل عن عبد القاهر: القصر مبالغة -القصر حقيقة- الأعلام بأن هذا منه كان الشيء الذي يعلمه أنه كان كزيد هو المنطلق -إظهار كمال الأمر مثل رأيت بكاءك الحسن الجميلا- إعلام المخاطب بأن هذا الرجل هو الرجل المنشود مثل هو البطل المحامي.

<<  <  ج: ص:  >  >>