للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول نسلم عليك سلامًا وتقدير الثاني سلام عليكم، كأن إبراهيم عليه السلام قصد أن يحييهم بأحسن مما حيوه به أخذًا بأدب الله تعالى في قوله تعالى: {وَإِذَاحُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا} [النساء: ٨٦] . وقد ذكر له وجه آخر فيه دقة غير أنه بأصول الفلاسفة أشبه وهو أن التسليم دعاء للمسلم عليه بالسلامة من كل نقص ولهذا أطلق، وكمال الملائكة لا يتصور فيه التجديد؛ لأن حصوله بالفعل مقارن لوجودهم، فناسب أن يحيوا بما يدل على الثبوت دون التجدد، وكمال الإنسان متجدد؛ لأنه بالقوة وخروجه إلى الفعل بالتدرج فناسب أن يحيا بما يدل على التجدد دون الثبوت. وفيه نظر. وقوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُون} ، أي أحدثتم دعاءهم أم استمر صمتكم عنه فإنه كانت حالهم المستمرة أن يكونوا صامتين عن دعائهم، ففيه لم يفترق الحال بين أحداثكم دعاءهم وما أنتم عليه من عادة صمتكم عن دعائهم. وقوله تعالى: {قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِين} أي أحدثت عندنا تعاطي الحق فيما نسمعه منك أم اللعب، أي أحوال الصبا بعد مستمرة عليك، وأما قوله تعالى: {وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِين} ، في جواب: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِر} فلإخراج ذواتهم من جنس المؤمنين مبالغة في تكذيبهم، ولهذا أطلق قوله "مؤمنين" وأكد نفيه بالباء، ونحوه: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا} .

وشرطيتها: لما مر١، وظرفيتها لاختصار الفعلية، إذ هي مقدرة بالفعل على الأصح٢.


١ يعني للاعتبارات المختلفة الحاصلة من أدوات الشرط.
٢ لأن الفعل هو الأصل في العمل، وقيل باسم الفاعل؛ لأن الأصل في الخبر أن يكون مفردًا، ورجح الأول بوقوع الظرف صلة للموصول نحو "الذي في الدار أخوك" وأجيب بأن الصلة من مظان الجملة بخلاف الخبر، ولو قال: "إذ الظرف مقدر بالفعل على الأصح" لكان أصوب؛ لأن ظاهر عبارته يقتضي أن الجملة الظرفية مقدرة باسم الفاعل على القول الغير الأصح ولا يخفى فساده.

<<  <  ج: ص:  >  >>