للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غير مسمى الآخر لزم الأول، وإن كان مسماهما واحدًا لزم الثاني وكلاهما باطل، تعالى كلام الله عز وجل عن ذلك، فالدعاء في الآية بمعنى التسمية التي تتعدى إلى مفعولين، أي سموه الله أو الرحمن أيا ما تسمونه فله الأسماء الحسنى، كما يقال: "فلان يدعى الأمير" أي يسمى الأمير. وكما في قراءة من قرأ وقالت اليهود عزير بن "الله" بغير تنوين، على القول بأن سقوط التنوين لكون الابن صفة واقعة بين علمين، كما في قولنا "زيد بن عمرو قائم"، فإنه قد يظن أن فعل القول فيه لحكاية الجملة كما هو أصله، فقيل تقدير الكلام: "عزير ابن الله معبودنا"، وهذا باطل؛ لأن التصديق والتكذيب إنما ينصرفان إلى الإسناد لا إلى وصف ما يقع في الكلام موصوفًا بصفة كما إذا حكيت عن إنسان أنه قال: "زيد بن عمر وسيد" ثم كذبته فيه، لم يكن تكذيبك أن يكون زيد بن عمرو، ولكن أن يكون زيد سيدًا، فلو كان التقدير١ ما ذكر لكان الإنكار راجعًا إلى أنه معبودهم، وفيه تقرير أن عزيرًا بن الله، تعالى الله عن ذلك. فالقول في الآية بمعنى الذكر؛ لأن الغرض الدلالة على أن اليهود قد بلغوا في الرسوخ في الجهل والشرك إلى أنهم كانوا يذكرون عزيرًا هذا الذكر، كما تقول في قوم تريد أن تصفهم بالغلو في أمر صاحبهم وتعظيمه، أني أراهم قد اعتقدوا أمرًاعظيمًا فهم يقولون أبدًا زيد الأمير، تريد أنه كذلك يكون ذكرهم له إذا ذكروه.

واعلم أن لحذف التنوين من عزير في الآية وجهين: أحدهما أن يكون لمنعه من الصرف لعجمته وتعريفه كعازر، والثاني أن يكون لالتقاء السكاكنين٢، كقراءة من قرأ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ، اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: ١-٢] ، بحذف التنوين من أحد، وكما حكي عن عمارة بن عقيل أنه قرأ


١ أي في الآية الكريمة: {وَقَالَتِ الْيَهُود} .
٢ راجع حذف التنوين لالتقاء الساكنين في الكامل للمبرد ص١٢٠ جـ١ وص٢٨٧ من الدلائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>