للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تجدك قد منيت بهجر حبيبك، وقيل لك ما تتمنى؟ تقول: "وجه الحبيب١ أتمنى". وعليه قوله٢ تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاء} أي على القول بأن لله شركاء مفعولًا جعلوا.

٢- أو لعارض يورثه ذلك٣ كما إذا توهمت أن مخاطبك ملتفت الخاطر إليه٤ ينتظر أن تذكره، فيبرز في معرض أمر يتجدد في شأنه التقاضي ساعة فساعة، فمتى تجد له مجالًا للذكر صالحًا أوردته نحو قوله تعالى: {وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى} ، قدم فيه المجرور٥ لاشتمال ما قبله على سوء معاملة أهل القرية الرسل. من إصرارهم على تكذيبم فكان مظنة أن يلعن السامع على مجرى العادة تلك القرية ويبقى مجيلًا في فكره أكانت كلها كذلك أم كان فيها قطر دان أم قاص منبت خير، منتظرًا لإلمام الحديث٦ به بخلاف ما في سورة القصص أو كما إذا وعدت ما تبعد٧ وقوعه من جهتين إحداهما أدخل في تبعيده من الأخرى فإنك حال التفات خاطرك إلى وقوعه باعتبارهما تجد تفاوتًا في إنكارك إياه قوة وضعفًا بالنسبة، ولامتناع إنكاره بدون القصد إليه يستتبع تفاوته ذلك تفاوتًا في القصد إليه والاعتناء بذكره، فالبلاغة توجب أنك إذا أنكرت تقول في الأول "شيء" حالة في البعد عن الوقوع هذه أنى يكون؟ لقد وعدت هذا.


١ بتقديم المفعول على الفعل.
٢ والشاهد تقديم اسم الجلالة هنا وتقديم وجه الحبيب في المثال السابق؛ لأن ذكرهما أهم لكونهما في نفسهما نصب عينك -راجع ٢٢١ الدلائل، ١٠٣ المفتاح.
٣ اسم الإشارة يرجع إلى كونه نصب عينك.
٤ أي إلى المعمول الذي يجب تقديمه.
٥ أي على الفاعل وهو "رجل".
٦ فهذا العارض جعل المجرور نصب العين بخلاف ما في سورة القصص {وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ} فإنه ليس فيه ذلك العارض.
٧ في المفتاح "تستبعد".

<<  <  ج: ص:  >  >>