للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"ولا غير زيد"١ وأما الثلاثة الباقية٢ فتدل بالنص على المنبت دون٣ المنفي.

والثالث: أن النفي لا يجامع الثاني٤؛ لأن شرط المنفي بلا أن لا يكون منفيًّا قبلها بغيرها٥.


١ أي لا عمرو ولا بكر. ويكون من قصر الصفة على الموصوف هذا وقد حذف المضاف إليه من غير هنا، وبني غير على الضم تشبهًا بالغايات -قبل وبعد- وذكر بعض النحاة أن "لا" في لا غير ليست عاطفة بل لنفي الجنس.
٢ إنما -ما وإلا- التقديم.
٣ أي النص على المثبت له الحكم في قصر الصفة والمثبت لغيره في قصر الموصوف. فلا يصرح فيها بالنفي وإنما تدل عليه ضمنًا.
فالنص على المنفي في شيء من الطرق الثلاثة خروج عن الأصل كقولك ما أنا قلت هذا أي لم أقله بل هو مقول لغيري وكقولك "ما زيدًا ضربت" أي لم أضربه وضربه غيري إذ لقصد فيهما قصر الفعل على غير المذكور لا قصر عدم الفعل على المذكور.
٤ أي النفي بلا العاطفة فقط لا يجتمع مع الطريق الثاني وهو ما وإلا، أي يجتمع طريق العطف بلا مع طريق ما وإلا في كلام واحد. فلا يصح أن تقول ما زيد إلا قائم لا قاعد. وقد يقع مثل ذلك في كلام غير البلغاء هذا وراجع ذلك في ١٢٧ المفتاح، ٢٦٦ من الدلائل وما بعدها.
٥ أي بغير شخصها، سواء كان غير منفي أصلًا أو كان منفيًّا بغير أدوات النفي كالفحوى أو علم المتكلم أو السامع والممتنع ما إذا كان المنفي بها منفيا قبلها بغيرها من أدوات النفي كما وليس ولا التي لنفي الجنس ولا عاطفة أخرى مماثلة للا التي وقع النفي بها. فشرط المنفي بلا إذا إلا يكون منفيًّا قبلها بغيرها من أدوات النفي؛ لأنها موضوعة لأن تنفي بها أو لا ما أو جبته للمتبوع كما في جاء زيد لا عمرو لا لأن تعيد بها النفي في شيء قد نفيت - أي بلفظ ما عنه كل صفة وقع فيها التنازع حتى كأنك قلت ليس هو بقاعد ولا نائم ولا مضطجع ونحو ذلك فإذا قلت لا قاعد فقد نفيت عنه بلا العاطفة شيئًا هو منفي قبلها بما النافية، وكذلك الكلام في ما يقوم إلا زيد.
وقولنا بغيرها يعني من أدوات النفي على ما صرح به في المفتاح وفائدته الاحتراز عما إذا كان منفيًّا بفحوى الكلام أو علم المتكلم أو السامع أو نحو ذلك من الأفعال المتضمنة للنفي كأبى وامتنع.
لا يقال هذا يقتضي جواز أن يكون منفيًّا قبلها بلا العاطفة الأخرى نحو جاءني الرجال لا النساء لا هند؛ لأننا نقول الضمير في "بغيرها" لذلك الشخص أي بغير لا العاطفة التي نفى بها ذلك المنفي، ومعلوم أنه يمتنع نفيه قبلها بها لامتناع أن ينفي شيء بلا قيل الاتيان بها وهذا كما يقال دأب الرجل الكريم ألا يؤذي غيره فهذا نظير ذلك في أن الضمير في كل عائد على الشخص فإن المفهوم من هذا أن لا يؤذي غيره سواء كان ذلك الغير كريمًا أم غير كريم.

<<  <  ج: ص:  >  >>