للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضر زيد عمرًا، وإنما ضرب زيد عمرًا يوم الجمعة، وإنما ضرب زيد عمرًا يوم الجمعة في السوق، أي ما زيد إلا قائم، وما ضرب إلا زيد وما ضرب زيد إلا عمرًا، وما ضرب زيدًا عمرًا إلا يوم الجمعة وما ضرب زيد عمرًا يوم الجمعة إلا في السوق، فالواقع أخيرًا هو المقصور عليه أبدًا، ولذلك١ تقول إنما هذا لك وإنما لك هذا، أي ما هذا إلا لك وما لك إلا هذا، حتى إذا أردت الجمع بين إنما والعطف فقل إنما هذا لك لا لغيرك، وإنما لك هذا لا ذاك، وإنما أخذ زيد لا عمرو وإنما زيد يأخذ لا يعطي ومن هذا تعثر على الفرق بين قوله٢ تعالى: {إنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ العُلَمَاءُ} [فاطر: ١٨] ، وقولنا: "إنما يخشى العلماء من عباده الله"، فإن الأول يقتضي قصر خشية الله على العلماء، والثاني


١ راجع ١٣٠ مفتاح، ٢٦٥ من الدلائل.
٢ راجع ص١٣٠ من المفتاح، ٢٦١ من الدلائل:
ملاحظة لا يجوز تقديم المقصور عليه بإنما على غيره للإلباس، وإنما جاز ذلك في ما وإلا على قلة لعدم الإلباس بناء على أن المقصور عليه هو المذكور بعد إلا سواء قدم على المقصور أو أخر عنه، وههنا ليس إلا مذكورًا بل الكلام متضمن لمعناه، فلو قلنا في إنما ضرب زيد عمرًا إنما ضرب عمرًا زيد انعكس المعنى، بخلاف ما إذا قلنا في ما ضرب زيد إلا عمرًا ما ضرب إلا عمرًا زيد فإنه يعلم أن المقصور عليه هو المذكور بعد "إلا" قدم أو أخر.
وههنا نظر وهو أن تقديم المقصور عليه جائز مع إنما إذا كان نفس التقديم مفيد للقصر، كما في قولنا "إنما زيد ضربت" فإنه لقصر الضرب على زيد قال أبو الطيب:
أساميا لم تزده معرفة ... وإنما لذة ذكرناها
أي: ما ذكرناها إلا للذة. ويمكن الجواب بأن الكلام فيما إذا كان القصر مستفادًا من "إنما" وهذا ليس كذلك.
هذا وقد يقدم المقصور عليه مع إنما أيضًا لعارض نحو إنما قمت أي لا أني قعدت فحصر الفاعل في الفعل مع تقديم الفعل لعدم صحة تقديم الفاعل عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>