للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يشترط في التمني الإمكان١، نقول: "ليت زيدًا يجيء"، و"ليت الشباب يعود٢" قال الشاعر٣:

يا ليت أيام الصبا رواجعا

وقد يتمنى بها٤، كقول القائل: "هل لي من شفيع"، في مكان يعلم أنه لا شفيع له فيه٥، لإبراز المتمني لكمال العناية به في صورة الممكن، وعليه قوله تعالى حكاية عن الكفار: {فَهَلْ لَنَا مِنْ شُفَعَاءَ فَيَشْفَعُوْا لَنَا} .

وقد يتمنى بلو٦، كقولك: لو تأتيني فتحدثني بالنصب٧


١ أي بل كونه محالًا أو ممكنًا بعيد الوقوع بخلاف الترجي فيشترط فيه الإمكان ومثله الأمر والنهي والاستفهام، فإذا كان المتمنى ممكنا يجب أن لا يكون لك توقع وطماعية في وقوعه وإلا لصار ترجيًا.
٢ قال أبو العتاهية وأنشده المبرد في الكامل وثعلب في أماليه أسلم بن غزية:
فيا ليت الشباب يعود يومًا ... فأخبره بما فعل المشيب
٣١٣ ريحانة الألباب للشهاب الخفاجي". والبيت في البيان والتبيين "٤٦ جـ٣" منسوبًا لأبي العتاهية وروايته:
فيا ليت الشباب يعود يومًا ... فأخبره بما صنع المشيب
٣ هو العجاج. وليت عند الكوفيين تعمل عمل ظن في لغة تميم والبصريون على أن خبرها محذوف تقديره أقبلن رواجعًا مثلًا.
٤ راجع ١٣٢ من أفتاح.
واستعمال هل في التمني من باب الاستعارة التبعية أو المجاز المرسل كما قالوا. ولم لا يكون استعمالها في التمني من مستتبعات التركيب لا غير.
٥ لأنه حينئذ يمتنع حمله على حقيقة الاستفهام لحصول الجزم بانتفائه والاستفهام يقتضي عدم الجزم به. ومثال استعمال هل للتمني:
هل من سبيل إلى خمر فأشربها ... أو من سبيل إلى نصر بن حجاج
٦ راجع ١٣٢ من المفتاح، ٢١١/ ٢ كامل المبرد. وهذا الاستعمال من التحول على ما قالوه.
٧ على تقدير فإن تحدثني، فالنصب قرينة على أن "لو" ليست على أصلها إذ لا ينصب المضارع بعدها بإضمار أن وإنما تضمر بعد الأشياء الستة: التمني - الاستفهام - العرض ودخل فيه التحضيض - الأمر - النهي - النفي، والترجي لا ينصب جوابه خلافًا للكوفيين والدعاء داخل في الأمر، والمناسب هنا التمني. أما أن رفع الفعل بعدها فلا يتعين كونها للتمني بل احتمل. ومثل هذا المثال قول الشاعر:
فلو نشر المقابر عن كليب ... فيخبر بالذنائب أي زير

<<  <  ج: ص:  >  >>