للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما "من": ١

فقال السكاكي هو للسؤال عن الجنس من ذوي العلم٢، نقول من جبريل! بمعنى أبشر هو أم ملك أم جني، وكذا من إبليس ومن فلان، ومنه قوله تعالى حكاية عن فرعون: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} ؟ أي أملك هو أم بشر أم جني منكرًا لأن يكون لهما رب سواه لإدعائه الربوبية لنفسه، ذهابًا في سؤاله هذا إلى معنى ألكما رب سواي فأجاب موسى عليه السلام بقوله: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} كأنه قال نعم لنا رب سواك، هو الصانع الذي إذا سلكت الطريق الذي بين بإيجاده لما أو جد وتقديره إياه على ما قدر، واتبعت فيه الخريت الماهر- وهو العقل الهادي عن الضلال لزمك الاعتراف بكونه ربا وأن لا رب سواه، وأن العبادة له منى ومنك ومن الخلق أجمع حق لا يدفع له٣ وقيل هو للسؤال عن العارض المشخص لذي٤ العلم وهذا أظهر؛ لأنه إذا قيل من فلان، يجاب بزيد أو نحوه مما يفيد


١ راجع ١٣٤ و١٣٥ من المفتاح.
٢ المراد الجنس اللغوي فيشمل النوع والصنف.
٣ وفي كلام السكاكي نظر؛ لأنا لا نسلم أنه سؤال عن الجنس وأنه مسح في جواب "من جبريل" أن يقال ملك، بل جوابه أنه ملك يأتي بالوحي إلى الرسل ونحو ذلك مما يفيد تشخصه وتعيينه، وأما ما ذكره السكاكي في قوله تعالى حكاية عن فرعون: {فَمَنْ رَبُّكُمَا يَا مُوسَى} أن معناه أبشر هو أم ملك أم جني ففساده يظهر من جواب موسى بقوله: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} فإنه قد أجاب بما يفيد تشخيصه وتعينه شيء ما ذكرنا.
على أن فلانًا كناية عن العلم فكيف يجاب بذكر العلم، ولعل المراد إذا قال شخص فلان يعمل كذا فنقول من فلان؟ فيقال زيد، لكن في الاستفهام عن ذلك بمن فيه نظر فينبغي أن يقال ما فلان؟ كما قال ابن السبكي.
٤ أي يطلب بمن الأمر الذي يعرض لدى العلم -أي العقل- فيفيد تشخصه وتعينه وهو خصوص الوصف.

<<  <  ج: ص:  >  >>