٢ أي التفاؤل وإظهار الحرص. وأما غير البليغ فهو ذاهل عن هذه الاعتبارات. ٣ فلا يكون هذا وما بعده بلفظ الماضي بل بلفظ المضارع. فالمتكلم يقول "ينظر" دون انظر؛ لأنه في صورة الأمر وأن قصد بذلك الأمر الدعاء أو الشفاعة. ٤ أي ينسب إلى الكذب، كقولك لصديقك الذي لا يحب تكذيبك "تأتيني غدا" مقام "أتتني" تحمله بألطف وجه على الإتيان؛ لأنه إذا لم يأتيك غدًا صرت كاذبًا من حيث الظاهر لكون كلامك في صور الخبر وإن كان من حيث نفس الأمر لا كذب؛ لأن كلامك في المعنى إنشاء. هذا واستعمال الخبر في الصور الأربعة مجاز مرسل، ويحتمل أن يكون كناية في الصورتين الأخيرتين، والعلاقة في الأولين الضدية مجازًا مرسلًا، فالوجهان الأخيران اللذان بصورة المضارع "الاحتراز عن صورة الأمر -وحمل المخاطب على المطلوب" يحملان على الكناية، وجعل السكاكي الوجه الثالث هو لقصد الكناية قال، ووجه حسنه أما نفس الكناية إن شئت وأما الاحتراز عن صورة الأمر وأما هما معًا "١٢٩ من المفتاح". ٥ كالقصد إلى المبالغة في الطلب حتى كان المخاطب سارع في الامتثال، وكالقصد إلى استعجال المخاطب في تحصيل المطلوب، وكالتنبيه على كون المطلوب قريب الوقوع في نفسه لقوة الأسباب المتآخذة في وقوعه ونحو ذلك من الاعتبارات. هذا وقد يقع الإنشاء موقع الخبر لأغراض منها: الاهتمام بالشيء كقوله تعالى: {قُلْ أمَرَ رَبِّي بِالقِسْطِ وأقِيمُوا وجوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} ، عدل فيه عن الخبر اهتمامًا بأمر الصلاة. وكالرضا بالواقع حتى كأنه مطلوب كقوله صلى الله عليه وسلم: "من كذب علي متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار". وكالاحتراز عن مساواة اللاحق بالسابق كقوله تعالى: {قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ، مِنْ دُونِهِ} ، عدل فيه عن: "وأشهدكم" فرارًا من مساواة شهادتهم بشهادته.