للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد من الآية والبيت وازن حسنها في قولك: "أعجبتني الدار حسنها"؛ لأن معناها مغاير لمعنى ما قبلها١ وغير داخل فيه٢ مع ما بينهما٣ من الملابسة.

الثالث: أن تكون الثانية بيانًا للأولى٤ وذلك بأن تنزل منها منزلة عطف البيان من متبوعه في إفادة الإيضاح، والمقتضى للتبيين أن يكون في الأولى نوع خفاء مع اقتضاء المقام إزالته كقوله تعالى: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَان قَال يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى} ، فصل جملة قال: عما قبلها لكونها تفسيرًا له وتبينًا، ووازنه وازن عمر في قوله:

أقسم بالله أبو حفص عمر ... ما مسها من نقب ولا دبر٥


١ يخرج به التوكيد اللفظي؛ لأنه غير مغاير والمعنوي أيضًا؛ لأن المفهومين فيه وإن تغايرا لكن مغايرة قريبة.
٢ فلا يكون بدل بعض. وهذا ظاهر بناء على أن الأمر بالشيء لا يتضمن النهي عن ضده وأما على رأي من يذهب إلى نقيضه بمعنى أن النهي عن ضده جزؤه فيكون "لا تقيمن عندنا" في حكم بدل البعض.
٣ أي ما بين عدم الإقامة والارتحال من الملابسة اللزومية فيكون بدل اشتمال ولا يخفى أن الجملة الأولى "ارحل" لها محل من الإعراب فيكون النظر إلى المحكي لا إلى الحكاية. وإنما قال في مثالي بدل البعض والاشتمال أن الثانية أو فى؛ لأن الأولى وافية مع ضرب من القصور باعتبار الإجمالي في المثال الأول وعدم مطابقة الدلالة في المثال الثاني فصارت كغير الوافية، والأولى جعل غير الوافية بالنسبة لبدل الكل بناء على اعتباره وذلك؛ لأنا لوحملناها على بدل البعض والاشتمال فقط لكان فيهما ما هي غير وافية أصلًا وهو لا يكاد يوجد.
٤ الفرق بين البيان والبدل مع أن في كل منهما خفاء أن المقصود في البدل الثانية وفي البيان الأولى والثانية توضيح لها.
٥ هو لأعرابي. النقب: ضعف في أسفل الخف في الإبل: الدبر: جراحة الظهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>