للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِحْسَانًا} فتقديره: إما وتحسنون بمعنى وأحسنوا، وإما وأحسنوا، وهذا أبلغ من صريح الأمر؛ لأنه كأنه سورع إلى الامتثال والانتهاء فهو يخبر عنه١.

وأما قوله٢ في سورة البقرة: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا} ، فقال الزمخشري فيه: فإن قلت علام عطف هذا الأمر ولم يسبق أمر ولا نهي يصح عطفه عليه؟ قلت: المراد ليس الذي اعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له مشاكل من أمر أو نهي يعطف عليه، إنما المعتمد بالعطف هو جملة وصف ثواب المؤمنين، فهي معطوفة على جملة وصف عقاب الكافرين، كما تقول "زيد يعاقب بالقيد والإرهاق وبشر عمرًا بالعفو


١ قوله تعالى: {وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} المصدر هنا لا بد له من فعل فإما أن يقدر "وتحسنون، بقرينة: لا تعبدون، فيكون خبرًا في معنى الطلب إذ هو بمعنى وأحسنوا، فتكون الجملتان خبرًا لفظًا إنشاء معنى، وفائدة تقدير الخبر ثم جعله بمعنى الإنشاء إما لفظًا فالملاءمة مع قوله لا تعبدون، وإما معنى فالمبالغة باعتبار أن المخاطب كأنه سارع إلى الامتثال فهو يخبر عنه، كما تقول: تذهب إلى فلان نقول له كذا تريد الأمر، أي اذهب إليه فقل كذا، وهو أبلغ من الصريح.
وإما أن يقدر الفعل من أو ل الأمر بصريح الطلب، أي "وأحسنوا" بقرينة "وقولوا". وذلك على ما هو الظاهر؛ لأن الأصل في الطلب أن يكون بصيغته الصريحة، أما قرينة "وقولوا" فيعارضها قرينة "لا تعبدون". فتكون الجملتان إنشائيتين معنى مع أن لفظ الأولى إخبار ولفظ الثانية إنشاء.
فقوله: "هذا أبلغ من صريح الأمر"، اسم الإشارة يعود إلى تقدير الفعل المحذوف على أنه "وتحسنون" بمعنى أحسنوا.
٢ راجع ١١٣ من المفتاح.

<<  <  ج: ص:  >  >>