للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لفظ "الرأس فيه حشو لا فائدة فيه؛ لأن الصداع لا يستعمل إلا في الرأس وليس بمفسد للمعنى، وقول زهير:

وأعلم علم اليوم والأمس قبله ... ولكني عن علم ما في غد عمي١

أن قوله قبله مستغنًى عنه غير مفسد، وقول أبي عدي٢:

نحن الرءوس وما الرءوس إذا سمت ... في المجد للأقوام كالأذناب.

فإن قوله: "للأقوام" حشو لا فائدة فيه مع أنه غير مفسد.

"ملاحظة":

واعلم أنه قد تشتبه الحال على الناظر لعدم تحصيل معنى الكلام وحقيقته، فيعد من الزائد على أصل المراد ما ليس منه كما مثله بعض الناس بقول القائل٣:

ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح بالأركان من هو ماسح

وشدت على دهم المهاري رحالنا ... ولم ينظر الغادي الذي هو رائح

أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسألت بأعناق المطي الأباطح٤


١ والبيت في الصناعتين ص٤٣٠. فقبله حشو -زائد على أصل المراد لا فائدة؛ لأن الأمس يدل على القبلية لليوم- غير مفسد. أما مثل "رأيته بعيني" فالتأكيد هنا إن اقتضاه المقام كان فائدة لا حشوًا وإلا كان حشوًا.
٢ هو عبد الله بن عمرو الأموي.
٣ هو كثير، ونسبت ليزيد بن الطئرية، ونسبها الحصري لكثير "٦٦ جـ٢.
وراجعها في ١٦ من أسرار البلاغة وكل ما هنا منقول منه، وفي ٥٨ و٦٠ و٢٢٨ و٢٢٩ من الدلائل، وفي ١٠ الشعر والشعراء لابن قتيبة، ٥٨ صناعتين، ١٣٧ المثل السائر، ٢٢ نقد الشعر.
٤ والأبيات من المساواة عند الخطيب كما يقول السبكي. وزعم البعض أنه من الزائد على أصل المراد، وأن أصل المراد فيه، ولما رجعنا من منى أخذنا في الكلام. دهم المهاري: سودها جمع مهرية؛ لأن أصلها من مهرة. الغادي: السائر في أو ل النهار ضد الرائح. الأباطح: جمع بطحاء كل مسيل واسع فيه رمل ودقاق الحصى.

<<  <  ج: ص:  >  >>