للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا خلا عن المواطأة لم يكن شهادة في الحقيقة.

وثالثها: أن المعنى لكاذبون في قولهم: {إِنَّكَ لَرَسُوْلَ اللهِ} عند أنفسهم، لاعتقادهم أنه خبر على خلاف ما عليه حال المخبر عنه.

وأنكر الجاحظ انحصار الخبر في القسمين١، وزعم أنه ثلاثة أقسام: صادق، وكاذب، وغير صادق ولا كاذب؛ لأن الحكم إما مطابق للواقع مع اعتقاد المخبر له أو عدمه، وإما غير مطابق مع الاعتقاد أو عدمه:

فالأول -أي المطابق مع الاعتقاد- هو الصادق٢.

والثالث -أي غير المطابق مع الاعتقاد- هو الكاذب٣.

والثاني والرابع -أي المطابق مع عدم الاعتقاد٤، وغير المطابق مع عدم الاعتقاد٥- كل منهما ليس بصادق ولا كاذب.


١ أي الصادق والكاذب.
٢ وصدق الخبر على هذا هو مطابقة الخبر للواقع مع اعتقاد الخبر أنه مطابق له.
٣ فكذب الخبر هو عدم مطابقته للواقع مع اعتقاد أنه غير مطابق له.
٤ أي مع عدم الاعتقاد أصلًا أو مع الاعتقاد بأنه غير مطابق.
٥ أي أصلًا أو مع اعتقاد المطابقة، فالذي ليس بصادق ولا كاذب أربعة:
١ المطابقة مع اعتقاد عدم المطابقة.
٢ المطابقة بدون الاعتقاد أصلًا.
٣ عدم المطابقة مع اعتقاد المطابقة.
٤ عدم المطابقة بدون الاعتقاد أصلًا.
فكل من الصدق والكذب بتفسير الجاحظ أخص منه بالتفسيرين السابقين؛ لأنه اعتبر في الصدق مطابقة الواقع والاعتقاد جميعًا وفي الكذب عدم مطابقتهما جميعا، وقد اقتصر في التفسيرين السابقين على أحدهما، فالجمهور اقتصروا في تفسيرهم على اعتبار المطابقة للواقع والنظام على اعتبار المطابقة للاعتقاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>