للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى كلامه، وعليك أن تنتبه لشيء وهو أن ما جعله سببا للعدول عن لفظ العظام فيه نظر؛ لأنا لا نسلم صحة حصول وهن المجموع بوهن البعض دون كل١ فرد، فالوجه في ذكر العظم دون سائر ما تركب منه البدن وتوحيده ما ذكره الزمخشري٢ قال: إنما ذكر العظم لأنه عمود البدنه وبه قوامه وهو أصل بنائه، وإذا وهن تداعى وتساقطت قوته ولأنه أشد ما فيه وأصلبه فإذا وهن كان ما وراءه أو هن، ووحده لأن الواحد الدال على معنى الجنسية، وقصده إلى أن هذا الجنس الذي هو العمود والقوام وأشد ما تركب منه الجسد قد أصابه الوهن، ولو جمع لكان قصدًا إلى معنى آخر وهو أنه لم يهن بعض عظامه ولكن كلها٢ وأعلم أن المراد بشمول الشيب الرأس أن يعم جملته حتى لا يبقى من السواد شيء أو لا يبقى منه إلا ما لا يعتد به.

والثاني٤ أعني ما يكون جملة:

أما مسبب ذكر سببه كقوله تعالى: {لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِل} أي: فعل ما فعل٥ وقوله: {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ} أي: اخترناك، وقوله: {لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاء} أي: كان الكف ومنع التعذيب، ومنه قول أبي الطيب:


١ لأنه إذا كانت "أل" في "العظم" للاستغراق فقد سبق أنه لا فرق بين استغراق المفرد واستغراق الجمع في الإثبات.
٢ راجع الكلام بتفصيل في المطول ص٨٥ و٨٦.
٣ راجع ٣٣٩ جـ١ السبكي.
٤ راجع ١٢١ من المفتاح؛ والجملة الكلام المستقل بالإفادة الذي لا يكون جزء كلام آخر ولو عرض له في هذه الحالة ترتيبه بالفاء أو ترتب شيء عليه.
٥ فهذا مذكور حذف مسببه ويقدر المسبب قبل السبب عند ابن يعقوب وبعده عند السبكي، وفي الآية تقدير ثانٍ وهو أن المذكور متعلق: بـ"يَقْطَع" قبله فلا شاهد فيها على هذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>