وقال ابن السبكي: إن إلزام الخطيب للسكاكي بنحو "ابن لي صرحًا" بأن لا يكون الأمر بالبناء لهامان مع أن النداء له، جوابه: أن المأمور بالبناء الباني بنفسه بعد اعتقاد دخول هامان نفسه في زمرة من يبني بنفسه مجازًا. ٤ ويستلزم أن يتوقف جواز التركيب في نحو قولهم: أنبت الربيع البقل وسرتني رؤيتك على الإذن الشرعي؛ لأن أسماء الله تعالى توقيفية. قال ابن يعقوب: أن ما ذهب إليه السكاكي يستلزم أيضًا أن يتوقف استعمال نحو "أنبت الربيع البقل" و"شفي الطبيب المريض" و"سرتني رؤيتك" و" يزيدك وجهه حسنًا" -وكل ما كان مثل هذا الاستعمال- على سماعه من الشارع؛ لأن أسماء الله توقيفية، فلا يطلق عليه تعالى اسم لا حقيقة ولا مجاز ما لم يرد إذن من الشارع كالرحمن فإنه مجاز بخلاف ما لم يسم به الله نفسه في الكتاب ولا في السنة سواء كان مجازًا أو حقيقة، ولم يرد إطلاق الربيع والطبيب والرؤية على الله تعالى. لكن توقف مثل هذا الاستعمال على السماع غير صحيح؛ لأنه شاع استعماله حتى كاد أن يكون إجماعًا سكوتيًّا، فشيوعه يدل على أن المراد بالربيع غير الله. ولا يجاب عن هذا الإلزام بأن مذهب السكاكي أن أسماءه تعالى غير توقيفية؛ لأن الرد عليه ليس باستعماله هو بل باستعمال غيره ممن يذهب إلى غير ذلك مع عدم إنكار غيره، فصار استعمالًا صحيحًا، ولو كان كما ذكر السكاكي لتركه من يراها توقيفية أو لأنكر عليه. ملاحظة: المجاز العقلي له معنيان: إسناد الفعل أو ما في معنى الفعل إلى ما ليس الإسناد له بعلاقة، مع قرينة -والمجاز الذي سببه التصرف في أمور عقلية أي غير لفظية كجعل الفرد الغير المتعارف من أفراد المعنى المتعارف للفظ مثل جعل الشجاع فردًا من أفراد الحيوان المفترس فتنقل اسمه إليه قائلًا: "رأيت أسدًا" أي رجلًا شجاعًا شبيهًا بالأسد. والمعنى الأول هو المراد هنا في هذا الباب.