أما في النثر، فنعتبر الأمثال المنسوبة أقدم فنون الأدب العربي، وأن منها ما ترجع أقدميته إلى القرن الثامن قبل الهجرة، أو القرن الثاني قبل الميلاد المسيحي، وذلك كالمثل الذي ينسبونه إلى أبي الحجازيين "إلياس بن مضر"، وهو:"السليم لا ينام ولا ينيم".
ومهما كانت قيمة هذه الآراء في ميزان التحقيق العلمي، فإن الأدب الجاهلي الذي وصل إلينا مكتملا سويا لا يمكن أن يكون حديث الميلاد لا يتجاوز عمره ١٥٠ عاما؛ فالقصيدة العربية أقدم ميلادا وأوغل في طوايا الزمن مما تصور الجاحظ, ومن نحا منحاه من النقاد ... بيد أن أصول هذا الأدب وأطوار نموه "قد هربت منا -كما يقول "دي فرجيه"- لسوء الحظ، فهو حين يطلع علينا لأول وهلة، يطلع علينا من قلب الصحراء، تام الخلقة كما خرجت "منيرفا" من ذهن جوبتير"١.
١ راجع L,Arabie Par Desvergers, ٤٧٢ تاريخ الشعر العربي البهبيتي ص٥.