٨- اشتمال الحجاز على مقدسات الإسلام العريقة في المجد والتاريخ، وهي مكة والمدينة وما يحيط بهما وما بينهما، وعلى الآثار الإسلامية الخالدة.
وقد بقي الحجاز منذ عصر النبوة وحتى اليوم محرما أن يعيش فيه أو يسكنه أو يدخل إليه غير المسلمين.
وكانت هذه المنطقة إلى جانب تجارتها الخاصة ملتقى القوافل التجارية بين وادي النيل والهند ودول شرقي حوض البحر الأبيض المتوسط. وكان أهم السلع التي اتجر فيها العرب: الذهب، والنحاس، والأحجار النفيسة، وقد كان من أهم موارد الذهب في تلك الأحقاب السحيقة, ذلك المنجم الذي كان يستثمره اتحاد التعدين في الحجاز، ولا تزال الأحجار الكريمة تستخرج من الحجاز.
وكانت تتشعب من جنوب غربي شبه الجزيرة العربية شبكة من طرق التجارة: أحدها كان يمتد على طول الجانب الغربي مارا بمكة, متجها إلى دمشق, ويدور فرع منه حول خليج العقبة ميمّما شطر مصر ... وكان ثمة طريق آخر، يمتد إلى الخليج الفارسي عند ميناء الجرعاء, التي تقوم الآن على مقربة من موقعها ميناء العقير، حيث كانت سلع اليمن تشحن على السفن إلى بابل ودول الشرق الأوسط.
على أن التجارة لم تكن كل ما امتاز به الحجاز وما حوله في العصور القديمة، بل لقد قامت فيه -إذ ذاك- مراكز عمرانية تكونت فيها مدنية خاصة تكيفت بعوامل الجو والبيئة والظروف وما إليها، والمعتقد أن الكثير من المعلومات الخاصة بها دفين الرمال في انتظار المنقبين من خبراء الآثار.
على أن التاريخ حرص دائما على أن يميز بين عرب الجنوب وعرب الشمال؛ إذ كان أهل الجنوب -ويقال: إنهم أصل العنصر السامي- يعيشون في مدن، بينما كان أغلب أهل الشمال من القبائل الرحل، فكانت لهم ثقافة تختلف عن ثقافة أولئك ... غير أن ازدياد التجارة بين الجنوب والشمال لم يلبث أن قرّب بين الفريقين ... كما هاجم الساميون من الجنوب الشمال في أوقات