للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بها، أو على الأقل يتريث ولا يحكم عليها بأنها أسطورة، إلا إذا كشف البحث والتنقيب عن حقائق صحيحة تصادم ما قررته هذه الكتب، وهيهات أن يحدث ذلك في كتاب {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ} !.

ومن البعيد جدا أن يكون اليهود اخترعوا هذه القصة قبل الإسلام، لأغراض سياسية أو اقتصادية، ويرى محمد -عليه السلام- المصلحة في ذلك فيقرهم عليها كما يزعمون.

بعيد هذا الزعم؛ لأنه لو صح لنقل إلينا، وبخاصة عندما اشتدت الخصومة بين اليهود والرسول، على أثر إجلائهم عن المدينة، بعد حروب طال أمدها، ودماء مسفوكة من الجانبين، فإن هذا كان ظرفا مناسبا, دافعا أيضا لأن يطعن كل منهم في نسب الآخر، ويعتبره دخيلا عليه.

أما وأن هذا لم يحدث، فإن صحة نسب العرب العدنانيين إلى إسماعيل وإبراهيم وهجرتهما إلى مكة، وبناءهما البيت، لا يصح التردد فيها بحال.

ويشير القرآن الكريم، والتوراة، إلى أن الله أراد أن يمتحن إبراهيم؛ فأمره في منامه أن يذبح ولده، فأخذ إبراهيم الغلام، وألقاه على جبينه، وهمّ بذبحه؛ امتثالا لأمر الله، فافتداه الله بذبح عظيم.

لم يصرح القرآن باسم الذبيح، أهو إسماعيل أم إسحاق؟ ولم يذكر الموضع الذي حدثت فيه الحادثة، أكان بفلسطين أم بالحجاز؟ وقد اختلف من أجل ذلك المؤرخون. فاليهود يرون أن الذبيح هو إسحاق؛ حرصا منهم على أن يكون أبوهم هو المفدى، الذي استعد للتضحية بنفسه، وينسب هذا الرأي أيضا إلى جماعة من المسلمين، منهم الطبري وابن خلدون، ولعل حجتهم في ذلك هو ما ورد في التوراة من قوله: "خذ ابنك وحيدك الذي تحبه "إسحاق"، واذهب إلى أرض الموديا١ ... إلخ".


١ راجع الإصحاح الثاني والعشرين من سفر التكوين، الآيات ١-١٤.

<<  <   >  >>