والمحققون يرون أن الذبيح هو إسماعيل، بدليل ما في سورة الصافات في قصة الذبيح، فإنه بعد أن ذكر قصة الذبيح، قال تعالى:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ, وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ} ، فالتبشير بإسحاق بعد ذكر قصة الذبح والفداء، دليل على أن الله حفظ له ولده الموجود -وهو إسماعيل- وبشره بوجود وارث من "سارة" هو "إسحاق" وعود الضمير في {عَلَيْهِ} على الغلام الذبيح، وذكر "إسحاق" معه صريحا يقتضي المغايرة. وقد نسب إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:"أنا ابن الذبيحين" أي: إسماعيل، وعبد الله.
والتوراة تذكر أن الذبيح كان وحيد إبراهيم, ولا ينطبق هذا إلا على إسماعيل الأكبر؛ لأنه كان وحيد أبيه قبل ميلاد إسحاق.
ويقول الشيخ عبد الوهاب النجار: إن لفظ "إسحاق" الذي ورد في آية التوراة السابقة، إنما حشر حشرا بيد اليهود؛ حرصا منهم على أن يكون أبوهم هو الذبيح١.
بناء البيت:
وكان نزول إسماعيل وأمه هاجر بمكة بموضع عند البيت الحرام، إذ لم يكن البيت إذ ذاك قد بُني، وإنما كان ربوة حمراء مشرفة على ما حولها، وتقول التوراة: إن نزول إسماعيل كان في برية فاران، وفاران: اسم جبال مكة، ثم أمر الله خليله ببناء البيت الحرام، فبناه بمساعدة ولده إسماعيل عليهما السلام. ولما ارتفع البنيان وعجز إبراهيم عن رفع الحجارة، قام على حجر هو "مقام إبراهيم"، واستمر يبني حتى فرغ من البناء، فأمره الله تعالى بالأذان بالحج، فصعد إبراهيم على جبل أبي قبيس، وأذن في الناس بالحج كما أمر الله، ثم رجع إلى قرية الخليل بفلسطين, ويقال: إن إبراهيم -عليه السلام- قد دفن بها.