للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعد إسماعيل حكم الجراهمة:

ومن هذه الأحداث نعلم أن إسماعيل صار زعيم العرب الحجازيين، فلما مات إسماعيل تولى الجراهمة بعده أمر الكعبة، وظلت في أيديهم مدة طويلة من الزمن، ولم ينازعهم أبناء إسماعيل لأن الجراهمة أخوالهم، ويقال: إن ولاية الكعبة كانت في ذرية إسماعيل، وكان يعاونهم أخوالهم من الجراهمة.

والراجح أن جرهما توّجوا أحد أولاد إسماعيل ملكا عليهم، أما سدانة الكعبة ومفاتيحها، فكانت في ولد إسماعيل بلا خلاف. حتى انتهت إلى "نابت" فانتزعها منه بنو جرهم، وبقيت فيهم إلى أن بغوا واستحلوا حرمة البيت، وظلموا من دخل مكة من الحجاج وغيرهم، وأكلوا مال الكعبة الذي يهدى إليها، وفشت فيهم الرذائل، وما زال أمرهم في ضعف وانحلال حتى سلط الله عليهم خزاعة، فتمكنت من قهرهم، وتغلبت عليهم، واستولت على مكة، واستأثرت بولاية البيت وسدانة الكعبة.

وقبل أن يبرح آخر حكامهم "مضاض بن عمرو" مكة، عمد إلى بئر زمزم، فأعمق حفرها، وأودع في قاعها ما كان بالكعبة من تحف وذخائر وأموال، ومن بينها غزالتان من الذهب وسيف ودروع أخرى، ثم طم عليها الرمال.

حكم خزاعة:

استولى الخزاعيون على أمر الكعبة بعد أن أجلوا الجراهمة عنها، ويقال: إن خزاعة أصلها قبائل من اليمن، هاجرت منها بعد سيل العرم، ونزلت بمكة وبقيت بها حتى لاحت لها فرصة القضاء على الجراهمة, حوالي القرن الثالث الميلادي. وقد سادت مكة زهاء قرنين من الزمان، يجمعون في يدهم السلطة الزمنية "السياسية" والدينية معا، ولم يتركوا لأهل مكة من الوظائف إلا أقلها.

ومن أشهر الخزاعيين: "عمرو بن لحي" الذي يقال: إنه أول من أدخل عبادة الأصنام في مكة, وآخر من ولي من الخزاعيين "حليل بن حبشية", وهو

<<  <   >  >>