يتمكنوا من أدائه من غير مشقة ولا عنت، ومن غير أن تتأثر مصالحهم بأدائه؛ لأن حجهم -حسب شريعة إبراهيم- كان يقع في شهر ذي الحجة, وهو من الشهور الهلالية التي تدور في كل فصل من فصول السنة ولا توافق فصلا معينا، فربما أدركهم هذا الشهر وهم مشغولون بشئون معاشهم, فلا يستطيعون السفر للحج والتجارة كما هي عادتهم.
أما تخصيص هذه الأشهر بالحرمة, فلفضل مزيتها؛ لأن المحرم يبدأ به العام ورجبا وسطه والقعدة والحجة آخر العام، إشارة إلى وجود السلم في العام كله، فإذا حدثت الحرب لا ينبغي أن تشغل جميع العام، بل يجب أن تنقطع بفترات من السلم في الأول والوسط والآخر؛ تهدئة لنارها، وإراحة للناس من عنائها وويلاتها، وفتحا لمجال المصالحات والمهادنة، وإنما كان الختم بشهرين لوقوع فريضة الحج فيهما وهي التي لا تؤدى إلا في سلام ووئام تامين.