للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تطوف عريانة, فنزعت ثيابها بباب المسجد ثم دخلت المسجد عريانة, فوضعت يديها على فرجها وجعلت تقول:

اليوم يبدو بعضه أو كله ... وما بدا منه فلا أحله١

وكان أحدهم إذا أراد شيئا من داره نقب نقبا في ظهر بيته, فمنه يدخل إلى حجرته ومنه يخرج, ولا يدخل من بابه ولا يجوز تحت أسكفة بابه ولا عارضته، فإن أرادوا بعض أطعمتهم ومتاعهم تسوّروا من ظهر بيوتهم وأدبارها حتى يظهروا على السطوح, ثم ينزلون في حجرتهم، ويحرمون أن يمروا تحت عتبة الباب٢.

وكان يحضر المواسم بعكاظ، ومجنة، وذي المجاز التجار ممن كان يريد التجارة، ومن لم يكن له تجارة ولا بيع فإنه يخرج من أهله متى أراد, ومن كان من أهل مكة ممن لا يريد التجارة خرج من مكة يوم التروية فيتروى من الماء, فتنزل الحمس أطراف الحرم من نمرة يوم عرفة وتنزل الحلة عرفة، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- في سننه التي دعا فيها بمكة قبل الهجرة, لا يقف مع قريش والحمس في طرف الحرم, وكان يقف مع الناس بعرفة.

وإذا أفاضوا أفاضت الحمس من أنصاب الحرم وأفاضت الحلة من عرفة حتى يلتقوا بمزدلفة جميعا، وكانوا يدفعون من عرفة إذا طفلت الشمس للغروب, وكانت على رءوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم، فإذا كان هذا الوقت دفعت الحلة من عرفة ودفعت معها الحمس من الضباب الحرم حتى باتوا جميعا بمزدلفة, فيبيتون بها حتى إذا كانوا في الغلس وقفت الحلة والحمس على قزح, فلا يزالون عليه حتى إذا طلعت الشمس وصارت على رءوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوههم دفعوا من مزدلفة وكانوا يقولون: أشرق ثبير كيما نغير. أي: بالشمس حتى ندفع من


١ الأزرقي ج١ ص١١٣-١١٥.
٢ الأزرقي ج١ ص١١٧.

<<  <   >  >>