للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رعاه أعور، وقال ربيعة: هو أزور، وقال إياد: هو أبتر، وقال أنمار: هو شرود، فصادفهم صاحبه, فسألهم عنه فوصفوه له, فتعلق بهم وسألهم إياه, فأقسموا ما رأوه, فقال: كيف وقد وصفتموه؟! قال مضر: رأيته يرعى جانبا دون جانب فعرفت أنه أعور، وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدة الأثر فعرفت أنه أزور، وقال إياد: رأيت بعره مجتمعا فعرفت أنه أبتر، وقال أنمار: رأيته يرعى المكان الملتف ثم يجوز إلى غيره فعرفت أنه شرود. فقال لهم الجرهمي: اطلب بعيرك من غيرهم.

وعرب اليمن أوفر حظا من غيرهم في الفراسة، ويقال: إن الإمام الشافعي -رضي الله عنه- أخذها عنهم، فكان له منها نصيب كبير.

ومن الفراسة الريافة، وهي معرفة مواطن الماء في الأرض ببعض الأمارات؛ كشم التراب والنبات، ويقال: إن في الحجاز ونجد من يعرف ذلك إلى الآن.

٩- الكهانة والعرافة١: قيل: هما شيء واحد وهو الإخبار عن المغيبات، ماضية أو مستقبلة أو حالية, اعتمادا على القرائن، أو على النجوم، أو على الحصى، أو الجن في زعمهم، أو بقياس المستقبل على الماضي. وقيل: إن الكهانة الإخبار عن الماضي والمستقبل، والعرافة الإخبار عن الماضي فقط. وقيل: إن الكهانة خاصة بالمستقبل، والعرافة خاصة بالماضي. وكانت الكهانة فاشية في العرب قبل الإسلام، فكانوا يفزعون إلى كهنتهم في تعرف الحوادث والفصل في الخصومات وعلاج المرضى ومعرفة المستقبل وتعبير الرؤى، كما كان الحال عند غيرها من الأمم القديمة، كمصر وبابل وغيرهما، حتى جاءت الشريعة الإسلامية فأبطلتها٢ ونهت عن الاعتماد عليها؛ لكثرة الكذب فيها، وحماية للعامة من أن يفتنوا بهم فيضلوا عن الدين الحنيف.


١ الكهانة والعرافة, بكسر أولهما، ويجوز في الأولى الفتح على المصدر, وفعلها كمنع وكرم ونصر, وفعل الثانية كنصر.
٢ ورد: "من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد".

<<  <   >  >>