للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفرس قبيل الإسلام، ومن أشهر أطبائهم: الحارث بن كلدة الثقفي المتوفى عام ٤٣هـ، وهو من ثقيف ورحل إلى فارس، وتعاطى الطب هناك, ثم عاد إلى بلاده، وأدرك عصر الرسول، وعاش حتى أدرك عهد معاوية، وكان الرسول -صلوات الله عليه- يشير على من به علة أن يستوصفه، ومن حكمه: "البطنة بيت الداء, والحمية رأس الدواء".

ويؤخذ مما حوته اللغة العربية من أسماء العلل والأمراض والعقاقير أنهم عرفوا كثيرا من الأمراض وأنواع علاجها، كما أن الناظر في كتب فقه اللغة, يتبين من ذكرهم أعضاء الجسم الإنساني كلها, ما ظهر منها وما بطن -من الرأس إلى القدم والعروق- أنهم كانوا يعرفون التشريح.

وقد عرفوا أيضا محاسن الخيل وعيوبها, وأمراضها وعلاجها مما يسمى الآن "الطب البيطري" "بيطر الدابة: عالجها, فهو مبيطر وبيطار, وصنعته البيطرة".

٧- القيافة: ومن أهم معارفهم قيافة الأثر؛ وهي تتبع آثار الأقدام والأخفاف والحوافر والاستدلال بها على ذويها، وبذلك تعرف النعم الضالة والمسروقة، ومسالك اللصوص والفارين ... وقد مهروا في ذلك حتى كانوا يميزون بين قدم الشاب والشيخ, والرجل والمرأة, والبكر والثيب, وتعتمد الحكومة المصرية إلى الآن على فريق من العرب في تعقب اللصوص والسفاكين والمهربين.

وقيافة البشر، وهي الاستدلال بهيئة الإنسان وملامحه وأعضائه على نسبه. وقد روي أن قائفا دخل فرأى أسامة بن يزيد وزيدا، وعليهما قطيفة قد غطيا بها رءوسهما وبدت أقدامهما, فنظر إليها وقال: إن هذه الأقدام بعضها من بعض، فسُرّ بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

٨- الفِراسة: وكان لهم نصيب كبير أيضا من الفراسة, وهي الاستدلال بهيئة الشخص وشكله ولونه وكلامه على أخلاقه وفضائله ورذائله، ومرجعها إلى العقل، فكلما كان أكمل كانت أقوى.

يحكى أن أولاد نزار: مضر، وربيعة, وإيادا، وأنمارا، ساروا إلى الأفعى الجرهمي ليحكم بينهم في ميراث, فرأوا كلأ مرعيا، فقال مضر: إن البعير الذي

<<  <   >  >>