للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي أمطرت، وفي أي مكان سقط مطرها، والسحب التي لم تمطر، ومتى تمطر, ولا يزال في الكثير من البداة مثل هذه الفراسة. وفي كتب الأدب من الأخبار في ذلك الشيء الكثير، روى صاحب الأغاني: أن أعرابيا مكفوف البصر خرج ومعه ابنة عم له ترعى غنما لها، فقال لها: أجد ريح النسيم قد دنا، فارفعي رأسك فانظري. فقالت: كأنها بغال دهم١ تجر جلالها. فقال: ارعي واحذري. ثم مكث ساعة، وقال: إني لأجد ريح النسيم قد دنا، فانظري. قالت: هي كما قال الشاعر:

دان مسف، فويق الأرض هيدبه٢ ... يكاد يدفعه من قام بالراح

كأنما بين أعلاه وأسفله ... ريط منشرة أو ضوء مصباح٣

فقال: انجي، لا أبا لك، فما انقضى كلامه حتى هطلت السماء.

وأما الرياح فقد عرفوا صفاتها وأنواعها، ومنها: الصبا والقبول والدبور والنعامى والشمال والجنوب والنكباء والسوافي والحواصب والصرصر والعاصف والسماء والمعصرات والأعاصير وغير ذلك.

٥- الملاحة: وكانت جدة هي ميناء الحجاز، وكانت السفن تخرج منه إلى البحر للصيد والتجارة شأن عرب اليمن والبحرين، وكان عرب الحجاز القريبون من سيف البحر يشاهدون المراكب غادية ورائحة، فاحتاجوا إلى ألفاظ لها ولأجزائها، فقالوا: سفينة وشراع وقارب ومجداف وسكان وجؤجؤ وربان ... إلخ.

٦- الطب، وكان لهم منه نصيب مكتسب بالتجارب، أو منقول عن غيرهم من الأمم المجاورة، يتوارثونه عن مشايخهم وعجائزهم، وكانوا يعالجون مرضاهم بخلاصة النبات، أو بالعسل، أو بالكي، وأحيانا بالبتر وبالحجامة. وكثير منهم كان يعالج المرضى بالرقى والعزائم. وأخذ بعضهم الطب عن الروم


١ الدهم: جمع أدهم, وهو الأسود.
٢ الهيدب: ذيل السحاب المتدلي.
٣ الريطة: الملاءة.

<<  <   >  >>