وأمثال الحجاز في الجاهلية كانت -بوجه عام- تستقي من منابع ثلاثة:
المنبع الأول: تلك الأمثال التي نطق بها الحجازيون قبل الإسلام وعليها طابع الحجاز المحلي، وارتسمت عليها صورة بيئتهم وعبرت عن طرائقهم في التفكير والتعبير، أو اقترنت بحادثة كاشفة أو لهجة مميزة أو تفوه بها زعيم من زعمائهم أو فصيح من فصحائهم.
المنبع الثاني: الأمثال التي قيلت في بيئة المناذرة والمناطق التي كانت تدور في فلكها كنجد وهجر والبحرين، ثم انتقلت إلى الحجاز وشاعت في بيئتهم الاجتماعية ودارت على ألسنتهم واختلطت بأمثالهم الصميمة، وتناولوها بالتغيير والتحوير حتى تنسق مع ميولهم ونزعاتهم ولهجاتهم, وقد أصبحت هذه الأمثال جزءا من تراثهم الفني.
المنبع الثالث: الأمثال التي كتب لها الرواج في منطقة الحجاز وكان مصدرها كتابيا تعليميا، ودلت الدلائل على أنها مستقاة من تعاليم قديمة، أو كتب مقدمة، ثم أخذت صيغة الأمثال الشعبية, فقد كانت هناك جاليات آرامية وغير آرامية استقر بعضها في مناطق عدة من الحجاز في أخصب البقاع حول المدينة، وأمرع الواحات بين الحجاز والشام وذاعت في تلك المناطق قصص من التوراة وغير التوراة. وكان من أثر التيارات والدعوات الكتابية أن ضعف إلى حد ما نفوذ الوثنية، وذاعت بعض الأفكار السماوية والتعاليم الدينية ... وكان بعضها في صورة حكم وأمثال.
أقدم الأمثال:
ومن أمثال العرب القديمة:"السليم لا ينام ولا ينيم" ويضرب لبيان أن الضرر لا يقتصر على منبعه وحده، بل يتعداه إلى غيره.
وينسب هذا المثل إلى "إلياس بن مضر" أبي الحجازيين. وإلياس هو الجد السادس عشر للنبي "صلى الله عليه وسلم" ومن إلياس إلى عدنان ٤ أجيال، فمتوسط الأجيال من إلياس إلى عصر النبوة =٢٢.٦٥-٤=١٨.٦٥ جيلا, ومدتها ١٨.٦٥×٤٠=٧٤٦ سنة "الجيل: أربعون سنة".