للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتناولها، فعُوتب في ذلك، فقال ذلك القول يريد أن ضم الآحاء يؤدي إلى الجمع, ويضرب في استصلاح المال.

وكان من عادتهم في الجاهلية أن يقوم منادٍ على أطم من آطام المدينة حين يدرك البسر، فينادي: "التمر في البئر ... التمر في البئر" يحثهم على أن يكثروا من سقي نخلهم, فإن من سقى وجد عاقبة سقيه في تمره، وهذا قريب من قولهم: "عند الصباح يحمد القوم السرى", ويراد بالمثلين: أن من عمل عملا كان له ثمرته١.

وفي بيئات الحجاز التجارية كمكة مثلا, يجد الباحث أمثالا تصور حياتهم الاقتصادية كقولهم:

أَقْرَش من المجبرين:

والقرش: الجمع والتجارة, والتقرش: التجمع، ومن هذا سميت قريش قريشا. زعم أبو عبيدة أنهم أربعة رجال من قريش وهم أولاد عبد مناف بن قصي؛ أولهم هاشم ثم عبد شمس ثم نوفل ثم المطلب بنو عبد مناف، سادوا بعد أبيهم. لم يسقط لهم نجم، جبر الله تعالى بهم قريشا فسموا المجبرين؛ وذلك أنهم وفدوا على الملوك بتجاراتهم فأخذوا منهم لقريش العصم، أخذ لهم هاشم حبلا من ملوك الشام حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض الشام وأطراف الروم، وأخذ لهم عبد شمس حبلا من النجاشي الأكبر حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض الحبشة, وأخذ لهم نوفل حبلا من ملوك الفرس حتى اختلفوا بذلك السبب إلى أرض فارس والعراق, وأخذ لهم المطلب حبلا من حمير حتى اختلفوا بذلك السبب إلى بلاد اليمن٢. وانعكست على أمثالهم كذلك صور من عاداتهم الدينية وبيئتهم المقدسة, فقالوا: "آمن من حمام مكة" و"آمن من الظبي بالحرم" وهما من الآمن, وقالوا: "آلف من حمام مكة" لأنه لا يثار ولا يصاد، وقالوا: "أصح من عير أبي سيارة" وهو رجل من بني عدوان اسمه: عميلة بن خالد بن الأعزل, وكان


١ الميداني ١/ ١٤٤, وجمهرة الأمثال ١/ ١٨٥.
٢ الميداني ٢/ ٧٢, وقد تقدم ذلك في هذا الكتاب عن القالي أيضا.

<<  <   >  >>