للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إن السبع مرتخص وغال:

قالوا: أول من قال ذلك أحيحة بن الجلاح الأوسي سيد يثرب، وكان سبب ذلك أن قيس بن زهير العبسي أتاه وكان صديقا له لما وقع الشر بينه وبين بني عامر, وخرج إلى المدينة ليتجهز لقتالهم حيث قتل خالد بن جعفر زهير بن جذيمة فقال قيس لأحيحة: يا أبا عمرو، نبئت أن عندك درعا فبعنيها أو هبها لي. فقال: يا أخا بني عبس ليس مثلي يبيع السلاح ولا يفضل عنه, ولولا أني أكره أن أستلئم إلى بني عامر لوهبتها لك ولحملتك على سوابق خيلي، ولكن اشترها بابن لبون فإن البيع مرتحض وغال، فأرسلها مثلا، فقال له قيس: وما تكره من استلامك إلى بني عامر؟ قال: كيف لا أكره ذلك وخالد بن جعفر الذي يقول١:

إذا ما أردت العز في دار يثرب ... فنادِ بصوت يا أحيحة تمنع

رأينا أبا عمرو أحيحة جاره ... يبيت قرير العين غير مروع

ومن يأته من خائف ينس خوفه ... ومن يأته من جائع البطن يشبع

فضائل كانت للجلاح قديمة ... وأكرم بفخر من خصالك أربع

كل الصيد في جوف الفرا:

قال ابن السكيت: الفرا: الحمار الوحشي وجمعه: فراء, وأصله أن ثلاثة نفر خرجوا متصيدين, فاصطاد أحدهم أرنبا، والآخر ظبيا, والثالث حمارا, فاستبشر صاحب الأرنب، وصاحب الظبي بما نالاه وتطاولا عليه, فقال الثالث: "كل الصيد في جوف الفراء"، أي: هذا الذي رزقت وظفرت به يشتمل على ما عندكما, وذلك أنه ليس مما يصيده الناس أعظم من الحمار الوحشي, وقاله النبي "صلى الله عليه وسلم" لأبي سفيان يتألفه. ويلوح لنا أن المثل قديم, ويضرب لمن يفضل على أقرانه٢.


١ الميداني ١/ ٢١.
٢ الميداني ٢/ ٨٢.

<<  <   >  >>