قاله الشنفرى قبيل قتله. وذلك أن نفرا من بني سلامان الذين كان يغير عليهم فيمن تبعه من قبيلته فهم, حتى قتل منهم تسعة وتسعين رجلا، فكمنوا له واحتالوا عليه حتى أسروه وأدوه إلى أهلهم, وقالوا له: أنشدنا، فقال:"إنما النشيد على المسرة" فذهبت مثلا. ثم ضربوا يده فقطعوها, ثم قالوا له حين أرادوا قتله: أين نقبرك؟ فقال:
لا تقبروني إن قبري محرم ... عليكم ولكن أبشري أم عامر
إذا احتملت رأسي وفي الرأس أكثري ... وغودر عند الملتقى ثم سائري
هنالك لا أرجو حياة تسرني ... سجيس الليالي مبسلا بالجرائر١
أحمى من حجير الظعن:
هو ربيعة بن مكدم الكناني, ومن حديثه فيما ذكر أبو عبيدة أن نبيشة بن حبيب السلمي خرج غازيا فلقي ظعنا من كنانة بالكديد فأراد أن يحتويها, فمانعه ربيعة بن مكدم في فوارس وكان غلاما له ذؤابة. فشد عليه نبيشة فطعنه في عضده, فأتى ربيعة أمه وقال: شدي علي العصب أم سيار, فقد رزقت فارسا كالدينار, فقالت أمه:
إنا بني ربيعة بن مالك ... يرزأ في خيارنا كذلك
من بين مقتول وبين هالك
ثم عصبته فأسقاها ماء. فقالت: اذهب فقاتل القوم فإن الماء لا يفوتك, فرجع وكرّ على القوم فكشفهم ورجع إلى الظعن وقال: إني لمائت وسأحميكن ميتا كما حميتكن حيا بأن أقف بفرسي على العقبة وأتكئ على رمحي, فإن فاضت نفسي كان الرمح عمادي فالنجاء النجاء, فإني أرد بذلك وجوه القوم ساعة من النهار, فقطعن العقبة ووقف بإزاء القوم على فرسه متكئا على رمحه