للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخير الأزمنة أخصبها، وأفضل الخطباء أصدقها. الصدق منجاة, والكذب مهواة, والشر لجاجة١، والحزم مركب صعب، والعجز مركب وطيء٢. آفة الرأي الهوى, والعجز مفتاح الفقر، وخير الأمور الصبر، وحسن الظن ورطة٣، وسوء الظن عصمة. إصلاح فساد الرعية خير من إصلاح فساد الراعي. من فسدت بطانته كان كالغاصّ٤ بالماء. شر البلاد بلاد لا أمير بها، وشر الملوك من خافه البريء. الصمت حكم٥ وقليل فاعله.

ومن وصية لأكثم بن صيفي:

تباروا فإن البر يبقى عليه العدد، وكفوا ألسنتكم فإن مقتل الرجل بين فكيه. إن قول الحق لم يدع لي صديقا، الصدق منجاة، لا ينفع التوقي مما هو واقع، في طلب المعالي يكون العناء، الاقتصاد في السعي أبقى للجمام، أصبح عند رأس الأمر أحب إلي من أن أصبح عند ذنبه، لم يهلك من مالك ما وعظك، ويل لعالم أمر من جاهله، يتشابه الأمر إذا أقبل، وإذا أدبر عرفه الكيس والأحمق، البطر عند الرخاء حمق، والعجز عند البلاء أمن، لا تغضبوا من اليسير فإنه يجني الكثير، لا تجيبوا فيما لا تسألون عنه، ولا تضحكوا مما لا يضحك منه، حيلة من لا حيلة له الصبر، إن تعش تر ما لم تره، المكثار كحاطب ليل، من أكثر أسقط، لا تجعلوا سرا إلى أمة٦.

وعزى أكثم ملك العرب عمرو بن هند عن أخيه فقال: أيها الملك، إن أهل هذه الدار سفر، لا يحلون عقد الترحال إلا في غيرها، وقد أتاك ما ليس بمردود عنك وارتحل عنك ما ليس براجع إليك، وأقام معك من سيظعن عنك


١ اللجاجة: التمادي في الخصومة والنزاع والنقاش.
٢ سهل.
٣ الورطة: الهلكة، وكل أمر تَعَسَّر النجاة منه.
٤ الشارق بالماء.
٥ الحكم: الحكمة، ومنه قوله تعالى: {وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} والمعنى: الصمت حكمة, وقل من يفعله.
٦ ٢/ ١٣٥ مجمع الأمثال.

<<  <   >  >>