للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، وأصفت له بلادها، وأعطته قيادها. يا معشر قريش: كونوا له ولاة، ولحزبه حماة، والله لا يسلك أحد سبيله إلا رشد، ولا يأخذ بهديه أحد إلا سعد، ولو كان لنفسي مدة وفي أجلي تأخير، لكففت عنه الهزاهز، ولدافعت عنه الدواهي١.

٢- وصية ذي الإصبع العدواني:

لما احتضر ذو الإصبع، دعا ابنه أسيدا فقال له: يا بني، إن أباك قد فني وهو حي، وعاش حتى سئم العيش، وإني موصيك بما إن حفظته بلغت في قومك ما بلغته، فاحفظ عني: الي جانبك لقومك يحبوك، وتواضع لهم يرفعوك، وابسط لهم وجهك يطيعوك، ولا تستأثر عليهم بشيء يسودوك، وأكرم صغارهم كما تكرم كبارهم يكرمك كبارهم ويكبر على مودتك صغارهم، واسمح بمالك، واحم حريمك، وأعزز جارك، وأعن من استعان بك، وأكرم ضيفك، وأسرع النهضة في الصريخ؛ فإن لك أجلا لا يعدوك، وصن وجهك عن مسألة أحد شيئا، فبذلك يتم سؤددك، ثم أنشأ يقول:

أأسيد إن مالا ملكـ ... ـت فسر به سيرا جميلا

آخ الكرام إن استطعـ ... ـت إلى إخائهم سبيلا

واشرب بكأسهم وإن ... شربوا به السم الثميلا

أهن اللئام ولا تكن ... لإخائهم جملا ذلولا

إن الكرام إذا تؤا ... خيهم وجدت لهم فضولا

ودع الذي يعد العشير ... ة أن يسيل ولن يسيلا

ابني إن المال لا ... يبكي إذا فقد البخيلا

أأسيد إن أزمعت من ... بلد إلى بلد رحيلا


١ ٣٢٧ جـ بلوغ الأرب طبعة ١٩٢٤.

<<  <   >  >>