للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروي أن النابغة الجعدي دخل على الحسن بن علي فودعه، فقال له الحسن: أنشدنا من بعض شعرك، فأنشد:

الحمد لله لا شريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلما

فقال له: يا أبا ليلى، ما كنا نروي هذه الأبيات إلا لأمية بن أبي الصلت! قال: يابن رسول الله، والله إني لأول الناس قالها، وإن السروق من سرق أمية شعره١.

وسألت عائشة -أم المؤمنين- من صاحب هذه الأبيات:

جزى الله خيرا من إمام وباركت ... يد الله في ذاك الأديم الممزق

فمن يستمع أو يركب جناحي نعامة ... ليدرك ما حاولت بالأمس يسبق

قضيت أمورا ثم غادرت بعدها ... بوائق في أكمامها لم تفتق

وما كنت أخشى أن تكون وفاته ... بكفي سبنتى أزرق العين مطرق؟

فقالوا: مزرد بن ضرار. قالت عائشة: فلقيت مزردا بعد ذلك، فحلف بالله: ما شهد تلك السنة الموسم٢.

حتى أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- قد نحلوه الشعر. وقد روى الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت: كذب من أخبركم أن أبا بكر قال بيت شعر في الإسلام.

وقد تنبه كثير من الرواة العلماء في القرنين الثاني والثالث لأمر الوضع، حتى لا نكاد نجد أحدا من هؤلاء الثقات لا ينص على أن بيتا أو طائفة من الأبيات موضوعة منحولة.

٢- ويمكن تقسيم الشعر الجاهلي من حيث الصحة والوضع إلى ثلاثة أقسام: الشعر الصحيح، والشعر المنحول، والشعر المختلف عليه.

١- الشعر الصحيح:

فأما الصحيح، فالواقع أن رواة الشعر قد أجمعوا على كثير من الشعر الجاهلي ولم يختلفوا إلا في بعضه؛ قال ابن سلام: وقد اختلف العلماء في بعض


١ المرجع السابق: ١٠٦, ١٠٧, والأغاني ٥/ ١٠.
٢ ابن سعد ٣/ ٢٤١.

<<  <   >  >>