للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه القصيدة قد رواها فلان ولم يروها فلان، أو أن تلك القصيدة قد تنسب إلى فلان وهو غير صاحب الديوان. وقد يجمع هذا الراوية -وهو من الطبقة الثانية أو الثالثة- أبياتا متفرقة، ومقطعات صغيرة يضمها عنوان هو "المنحول من شعر فلان" وهو يقصد بالمنحول ما لم يروه هؤلاء الرواة العلماء الذين رووا هذا الديوان. فإذا ما أحصيت هذه الأبيات التي نص في تضاعيف الديوان أنها مما رواه فلان دون فلان، وضممت إليها "المنحول" وجدتها كلها لا تكاد تعد شيئا مذكورا, إذا قِيست بالقصائد التي أجمع الرواة على صحتها١.

وأمر آخر جدير بالعناية، وهو أن كثيرا من النص على "النحل" لا يعني أن هذا الشعر منحول موضوع حقا، وإنما غاية ما يعني أن هذا الراوية لعالم يذهب إلى أن هذا الشعر منحول، بينما يذهب غيره إلى أنه صحيح. فمرد الأمر إذًا إلى خلاف في الحكم والرأي مرجعه اختلاف المصادر أو اختلاف المناهج٢ ... فقد ذكر أبو خليفة الفضل بن الحباب, أنه روي لعباس بن مرداس بيت في عدنان، قال:

وعك بن عدنان الذين تلعبوا ... بمذحج حتى طردوا كل مطرد

ثم قال: "والبيت مريب عند أبي عبد الله" يعني ابن سلام. ولعل ابن سلام ارتاب في البيت لذكره عدنان "ولم يذكر عدنان جاهلي غير لبيد بن ربيعة". بينما أورده ابن هشام على أنه صحيح غير مريب، وذكر أنه أخذه عن أبي محرز خلف الأحمر، وعن أبي عبيدة. وكذلك أورده أبو عبد الله المصعب الزبيري على أنه صحيح، ولم يشر إلى ارتيابه كما أشار إلى ارتيابه في غيره من الأبيات التي تذكر الأنساب٣.

ومما قد يوهم بالنحل والوضع أيضا اختلاف الرواة في نسبة الشعر؛ فتراهم


١ مصادر الشعر الجاهلي وقيمتها التاريخية، للدكتور ناصر الدين الأسد ٤٧٠, ٤٧١.
٢ المرجع السابق ٤٧٣.
٣ طبقات فحول الشعراء: ١٠, ١١، والسيرة ١/ ٩، ونسب قريش ٥.

<<  <   >  >>