ويتضح لنا من ذلك أن هذه النسخة قد جمعت من قصائد زهير ما رواه البصريون والكوفيون, غير أن هذا الجمع بين روايات المدرستين لا ينفي نسبة هذه النسخة إلى أبي العباس ثعلب. وذلك أن ثعلبا -مع أنه كان كوفي المذهب، بل إمام أهل الكوفة في زمنه- قد روى كتب علماء البصرة أيضا، فروى "عن ابن نجدة كتب أبي زيد، وعن الأثرم كتب أبي عبيدة، وعن أبي نصر كتب الأصمعي ... "، وقد ذكر أبا نصر والأثرم في مواطن كثيرة من نسخته هذه.
وقد تضمنت هذه النسخة ثلاثا وخمسين قصيدة ومقطعة لزهير، روى خمسا منها عن حماد الراوية، ونص على واحدة منها بقوله:"وهي متهمة عند المفضل"، ومع ذلك رواها أبو عمرو. وذكر في أربع أخر منها أنها يشك في نسبتها إلى زهير، وأنها قد تروى لغيره.
ويرى الدكتور ناصر الدين الأسد أن هذه النسخة -بالرغم من جمعها بين روايات مختلفة- ربما اتخذت من رواية أبي عمرو الشيباني أصلا، ثم أضاف جامع هذه النسخة عليها ما وجده عند غيره من تعليقات أو اختلاف في روايات الألفاظ. والذي حمله على هذا الافتراض أنه عثر على نسخة مصورة على ميكروفيلم في معهد إحياء المخطوطات العربية -وأصلها محفوظ في مكتبة نور عثمانية بتركيا- وقد نص في آخر هذه النسخة على ما يلي:
"فهذا جميع ما رواه أبو عمرو، وأبو نصر، والأصمعي لزهير من الشعر ... وكتب محمد بن منصور بن مسلم -رحمه الله- بمنبج سنة خمسة "كذا" وسبعين وخمسمائة، والأصل الذي نقله منه كتب من أصل ابن كيسان النحوي -رحمه الله- في سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة، وكان قد قرأ جميعه على أحمد بن يحيى ثعلب، وكان قد قرئ على أبي عمرو الشيباني ... ". وفي هذه النسخة سبع وخمسون قصيدة؛ خمس منها غير موجودة في النسخة المطبوعة، وتمتاز هذه النسخة -على النسخة المطبوعة- بكثرة ما فيها من إشارات إلى الشك في صحة نسبة بعض القصائد إلى زهير. فقد ذكر قصيدته:
أثويت أم أجمعت أنك غاد ... وعداك عن لطف السؤال عوادي
وقال:"أبو عمرو لم يرو هذه القصيدة، وقال: إنها لكعب ابنه" مع أن هذه التعليقة غير مذكورة في المطبوعة. وذكر كذلك قصيدته: