ودراسة هذه الطبعة تدلنا على أن ثعلبا قد جمع في مجموعته بين الروايات الكوفية والبصرية، فكثيرا ما يورد في شرحه شروحا للأصمعي وأبي عبيدة، وكثيرا ما يورد روايتهما المختلفة في الألفاظ والأبيات، وحسبنا أمثلة قليلة على ذلك؛ فقد أورد سبعة وثلاثين بيتا من قصيدة زهير:
صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعري أفراس الصبا ورواحله
ثم قال: "وهذه آخر رواية أبي عمرو، وروى أبو عبيدة والأصمعي ... " ثم يورد سبعة أبيات من روايتهما. أما في قصيدته:
إن الخليط أجد البين فانفرقا ... وعلق القلب من أسماء ما علقا
فهو يثبت في أصل أحد أبياتها، وهو قوله:
وقابل يتغنى كلما قدرت ... على العراق يداه قائما دفقا
رواية أبي عبيدة، ويقول: "روى أبو عبيدة قائما بالنصب، ورواه غيره بالرفع".
ثم يذكر بيت زهير:
وذاك أحزمهم رأيا إذا نبأ ... من الحوادث آب الناس أو طرقا
وهو من غير رواية أبي عمرو، ثم ينص على أن البيت في رواية أبي عمرو هو:
ومن يفوقهم أمرا إذا فرقوا ... من الحوادث أمرا آب أو طرقا
ثم يورد ستة أبيات ينص على أنها من رواية أبي عمرو، وأربعة أبيات أخرى ينص على أنها مما روى أبو عمرو والأصمعي، ويورد في آخرها بيتين يذكر أنهما "من غير هذه الرواية" و"أن الأصمعي لم يروهما". وكذلك ذكر ستة عشر بيتا من قصيدة زهير:
لمن الديار بقنة الحجر ... أقوين من حجج ومن دهر
ثم يقول: "هذا آخر رواية أبي عمرو"، ويكمل القصيدة في اثنين وعشرين, وكثيرا ما يثبت في أصل البيت لفظة أو ألفاظا من غير رواية أبي عمرو، وينص على ذلك، ثم يذكر روايته في تلك الألفاظ. وأكثر من ذلك أنه يورد قصيدة لم يروها أبو عمرو لزهير ولا لكعب، ورواها أبو عبيدة لزهير.