وكان الحطيئة راوية زهير، وقد اتصل الشعر في ابنه كعب بن زهير، وابن كعب عقبة المضرب، وابن ابنه العوام بن عقبة، حتى لقد قرأ أبو عمرو الشيباني شعر زهير أو بعضه على بعض بني زهير.
وكان ممن درس شعر زهير ودرسه منذ مطلع القرن الثاني: أبو عمرو بن العلاء، قال المازني:"قال لي أبو زيد: قرأت هذه القصيدة -يعني معلقة زهير- على أبي عمرو بن العلاء، فقال لي: قرأت هذه القصيدة منذ خمسين سنة، فلم أسمع هذا البيت إلا منك" يعني: بيته:
ومن لا يزال يستحمل الناس نفسه ... ولم يغنها يوما من الناس يسأم
وكذلك قرأ الأصمعي على أبي عمرو وروى عنه في مواطن متعددة، بعضها فيه نقد أدبي.
ويبدو أن الأصمعي لم يكتف برواية شعر زهير عن أبي عمرو بن العلاء وحده, وإنما أضاف إلى روايته ما أخذه عن غيره من العلماء أو ما سمعه عن الأعراب الرواة، ثم قرأ ذلك كله وقرئ عليه، وآية ذلك أننا نجد للأصمعي روايات لبعض الألفاظ وشرحا لبعض الأبيات في القصائد التي أسقطها من روايته ونص على أنها ليست لزهير.
ويرجح الدكتور ناصر الدين أن الأصمعي قد وجد أمامه ديوان زهير تراثا يتناقل ويروى ويتدارس، فكان لا بد له من أن يقرأه جميعه، ويقرئه تلامذته، ولكنه كان كلما مر بقصيدة نص على رأيه في صحة نسبتها إلى زهير، إثباتا أو نفيا، ثم يشرح القصيدة في الحالتين، ويذكر بعض روايات ألفاظها، غير أنه لم يثبت في نسخته من ديوان زهير إلا ما ثبت لديه أنه لزهير حقا، وهي تلك القصائد الخمس عشرة.