للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأغضب ذلك الشعر قريظة والنضير، ونقضوا عهدهم، وحالفوا الأوس على الخزرج، فقتل بعض الخزرجيين رهائنه.

فاجتمعت الأوس وقريظة والنضير وقبائل أخرى يهودية على حرب الخزرج، والتقوا ببعاث، وعلى الأوس حضير الكتائب، وعلى الخزرج عمرو بن النعمان البياضي "نسبة إلى بياضة كسحابة: قبيلة"، ودارت رحى الحرب بشدة، فانهزم الأوس، فبرك حضير، وطعن قدمه بسنان رمحه، وصاح: وا عقراه!! والله لا أعود حتى أقتل، فإن شئتم أن تسلموني فافعلوا، فعطفوا عليه، وأصاب سهم عمرو بن النعمان البياضي فقتله، فانهزم الخزرج، وصاح صائح: يا معشر الأوس، أحسنوا ولا تهلكوا إخوانكم، فانتهوا عنهم ولم يسلبوهم، وإنما سلبهم اليهود، وحملت الأوس حضيرا مجروحا، فمات، ورثاه خفاف بن ندية بقوله:

أتاني حديث فكذبته ... وقيل خليلك في المرمس١

فيا عين أبكي حضير الندى ... حضير الكتائب والمجلس

وسمى ابن الأثير هذا اليوم: يوم الفجار الثاني؛ لقتل الغلمان فيه. وقيل: إن قتل الغلمان كان بسبب امتناع اليهود عن إخلاء دورهم الجيدة الهواء للخزرج, الذين كانوا يراودونهم على ذلك.

وقد ألف الله بين قلوب الأوس والخزرج بعد ذلك بالإسلام، وأصبحوا لرسوله أنصارا٢.

٢- يوم سمير:

سببه: أن رجلا يقال له كعب بن العجلان من بني ذبيان، نزل على مالك بن العجلان زعيم الخزرج محالفة، وأقام معه، فخرج كعب يوما إلى السوق، فرأى رجلا من غطفان ومعه فرس وهو يقول: "ليأخذ هذا الفرس أعز أهل يثرب"، فقال رجل: فلان الأوسي, وقال غيره: فلان الخزرجي.


١ المرمس كملعب: القبر.
٢ تاريخ ابن الأثير.

<<  <   >  >>