للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المشركون واجتمعوا حولها، وأتنفوا القتال١, وفيها يقول حسان بن ثابت:

إذا عضل سيقت إلينا كأنهم ... جداية شرك معلمات الحواجب

أقمنا لكم طعنا مبيرا منكلا ... وحزناكم بالضرب من كل جانب

ولولا لواء الحارثية أصبحوا ... يباعون في الأسواق بيع الجلائب٢

وقد شهدت هذه الموقعة نسيبة بنت كعب المازنية أم عمارة هي وزوجها وابناها, فقاتلت يومئذ قتالا شديدا وأبلت بلاء حسنا، حتى قيل: إنها جرحت اثني عشر جرحا بين طعنة رمح وضربة سيف، ولما انهزم المسلمون انحازت إلى رسول الله وجعلت تقاتل عنه وتذب بسيفها، وترمي دونه بقوسها حتى كثرت جراحها، وأصابها عمرو بن قميئة بجرح غائر في عاتقها، وأصابته هي إصابات, ولم يقه منها إلا درعان كانتا عليه. ورأى النبي بلاءها, فأعجب بها، وقال: "من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟ ".

وفي حديثها عن هذا اليوم: وأقبل الرجل الذي ضرب ابني, فقال رسول الله: "هذا ضارب ابنك" فاعترضت له فضربت ساقه فبرك, فرأيت الرسول تبسم حتى بدت نواجذه، ثم قال: "استقدت يا أم عمارة". ثم أقبلنا على الرجل نعلوه بالسلاح حتى أتينا عليه، فقال النبي: "الحمد لله الذي أظفرك وأقر عينك من عدوك, وأراك ثأرك بعينك" ٣.

ولما انهزم المسلمون في يوم أحد وولى بعضهم ولقيتهم أم أيمن ناكصين حثت في وجوههم التراب، وقالت لبعضهم: هاك المغزل اغزل به، وهات سيفك، وقصدت إلى أحد مع بعض النساء٤.

وقد حاربت نسوة كثيرات بالسيوف والرماح، منهن: الربيع بنت معوذ بن عقبة الأنصارية، وصفية بنت عبد المطلب، وخولة بنت الأزور، وهؤلاء اللائي حاربن


١ سيرة ابن هشام، المرأة في الشعر الجاهلي ٣٤٧, ٣٤٨.
٢ ديوان حسان ٢٥, ٢٦. الجلائب: العبيد.
٣ المرأة في الشعر الجاهلي ص٣٤٨.
٤ المغازي ص٢٧٣.

<<  <   >  >>