للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفارس لم يكترث به ربيعة, بل ألقى زمام الراحلة للظعينة وقال:

سيري على رسلك سير الآمن ... سير رداح ذات جأش ساكن

إن انثنائي دون قرني شائني ... أبلى بلائي وأخبرني وعابني

ثم حمل على الفارس فصرعه. فبعث إليه دريد فارسا ثانيا وثالثا، وكان مصيرهما مصير أولهم، وفي كل مرة يتمثل بأبيات من الشعر. إلا أن رمحه انكسر حينما طعن الفارس الثالث فصرعه، وارتاب دريد ولحق بهم فوجد ربيعة لا رمح له، ووجد القوم قد صرعوا، فقدر دريد شجاعته وقال: إن مثلك لا يقتل وإن الخيل ثائرة بأصحابها, ولا أرى معك رمحا وأراك حديث السن, فدونك هذا الرمح, فإني راجع إلى أصحابي فمشط عنك, فأتى دريد أصحابه فقال: "إن فارس الظعينة قد حماها وقتل فوارسكم, وانتزع رمحي ولا طمع لكم فيه"، فانصرف القوم. وفي تصوير قتله أولئك الفرسان, ينسب الرواة إليه أنه قال:

إن كان ينفعك اليقين فسائلي ... على الظعينة يوم وادي الأخرم

إذ هي لأول من أتاها نهبة ... لولا طعان ربيعة بن مكدم

إذ قال من أدنى الفوارس ميتة: ... خل الظعينة طائعا لا تندم

فصرفت راحلة الظعينة نحوه ... عمدا ليعلم بعض ما لم يعلم

وهتكت بالرمح الطويل إهابه ... فهوى صريعا لليدين وللفم

ومنحت آخر بعده جياشة ... نجلاء فاغرة كشدق الأضجم١

ولقد شفعتهما بآخر ثالث ... وأبى الفرار الغداة تكرمي


١ نهاية الأرب ١٥/ ٣٧٠-٣٧٢.

<<  <   >  >>