للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الجاهلية وكان طلاقهن أنهن إن كنّ في بيت شعر حولن الخباء؛ فإن كان بابه قبل المشرق حولته قبل المغرب, وإن كان بابه قبل اليمن حولته قبل الشام, فإذا رأى الرجل ذلك علم أنها طلقته فلم يأتها. ولعل السبب في هذا المظهر أن الخباء كان عند الساميين ملكا للمرأة وهو عند أهل المدر كالبيت عند أهل الحضر, فإذا جاء الرجل ووجد المرأة قد حولت باب خبائها علم أنها قد أعرضت عنه وطلقته. أما الحضريات فكان لهن طريقة أخرى في الإعلام بالتطليق؛ وذلك أنهن لا يعالجن للرجل طعامه إذا أصبح كما نقل ذلك بعض الباحثين١، وهو يذكر من هؤلاء النسوة سلمى بنت عمرو بن زيد أم عبد المطلب، كانت لا تتزوج إلا وأمرها بيدها فإذا كرهت من زوجها شيئا تركته، وأم خارجة عمرة بنت سعد البجلية وعاتكة بنت مرة بن هلال بن فالح السلمية. ويستشهد بقول الشنفرى:

إذا ما جئت ما أنهاك عنه ... ولم أنكر عليك فطلقيني

وكما رأينا زوجتي عمرو بن سعيد بن نفيل تطلبانه الطلاق, وزوجة عبد الله بن جدعان ضباعة بنت عامر بن قرظ تسأله الطلاق لكبر سنه، ولأن هشام بن المغيرة المخزومي أغراها بشبابه وماله.

فإذا حدث الطلاق فقد تهيج بالزوجين الذكرى ويندمان أو أحدهما على التسرع. طلق زهير بن أبي سلمى زوجته أم أوفى بسبب الغيرة، وتأسّف بعد ذلك، فهو يذكر عهدها ويدعي أنها نسيت عهده، وهو يطلب إليها أن تحسن القول فيه وألا تتقول عليه ما لم يحدث، وهو يذكرها بما كان بينهما وما نالت منه:

لعمرك والخطوب مغيرات ... وفي طول المعاشرة التقالي

لقد باليت مظعن أم أوفى ... ولكن أم أوفى لا تبالي

فأما إذا ظعنت فلا تقولي ... لذي صهر أذلت ولم تذالي

أصبت بني منك ونلت متى ... من اللذات والخلل الغوالي٢


١ المرأة في الشعر الجاهلي, للدكتور الحوفي ص٢١٣.
٢ ديوان زهير ٣٤٢.

<<  <   >  >>