للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الطلاق:

وقد عرف الحجازيون -كما عرف العرب- الطلاق الذي يقوض بنيان الزوجية، وقد يحدث لعدة أسباب؛ فمنها: الفقر حيث تسأل الزوجة زوجها أن يطلقها, كما رأينا عند سعيد بن عمرو بن نفيل حيث قال:

سألتاني الطلاق إن رأتا ... مالي قليلا قد جئتماني بنكر

وقد يطلق الزوج زوجته لنوازع قبلية, حيث تحتقر الزوجة قبيلة زوجها أو أسرته كما نرى عند حسان بن ثابت, إذ طلق زوجته عمرة بنت الصامت الأوسية؛ إذ عيرته بأخواله١. وكذلك رأينا ما كان من طلاق دريد بن الصمة زوجته حينما حقرت أخاه عبد الله.

وقد يطلقها؛ لأنها رغبت عنه بعد أن أدركه الكبر, إلى غير ذلك.

وكان أهل مكة يطلقون مرة واحدة ثم يرجعون ويطلقون الثانية فيرجعون, أما الثالثة فلا رجعة فيها٢. ويجمعون الثلاث دفعة واحدة أحيانا، فهذا شاعر يهدد زوجته بأن تحسن عشرته وإلا طلقها ثلاثا لا رجعة بعدها:

فإن ترفقي يا هند فالرفق أيمن ... وإن تخرقي يا هند فالخرق أشأم

فأنت طلاق والطلاق عزيمة ... ثلاث ومن يخرق أعق وأظلم

فبيني بها إن كنت غير رفيقة ... وما لأمري بعد الثلاث مقدم

وقد يكون الطلاق خلعا بأن تفتدي الزوجة نفسها من زوجها, فتدفع كل ما تسلمته من مهر كما فعل عامر بن الظرب مع ابن أخيه زوج بنته, فقد رد عليه صداقها وخلعها منه٣.

وقد تميزت المرأة العربية بأن لها الحق بأن تكون العصمة بيدها فتطلق الرجل, وبأن لها أن تطالب الرجل بالطلاق سواء أكان على بدل أم لم يكن. وهذا حق لم تظفر به امرأة من الأمم التي عاصرت العرب, فكان النساء أو بعضهن يطلقن الرجال في


١ الأغاني ٣/ ١٤ الدار.
٢ معجم البلدان ٨/ ١٣٨.
٣ فتح الباري ٩/ ٣٤٦.

<<  <   >  >>